الذي يضبط متلبسًا ببيع أسلحة إلى المسلمين. وفيما يتعلق بتجارة الخشب فقد أباح بيعه على ألا يتجاوز طول اللوح خمسة أقدام ونصف القدم، كذلك أجاز بيع الخشب المعد لصناعة الطشوت أو الأطباق أو الملاعق، إلا أن «دوج» البندقية رفض الإذعان لمثل هذه الإجراءات وأصبحت هذه القوانين معطلة وخاطب أمير البندقية أعضاء اللجنة قائلًا: ألم تكن تجارة الخشب من الأهمية بمكان لأهالي البندقية؟ أو لم يفكر القيصر في أنها مساعدة نافعة ضرورية للخليفة! والذي حدث أنه قبل وصول اللجنة لمباشرة عملها أقلعت ثلاث سفن محملة بالخشب اثنان وجهتهما «مهدية» في تونس والثالثة إلى طرابلس الغرب، وقد صرح الدوج بشحن هذه السفن رحمة بعمال الشحن المسيحيين الفقراء. أما دول شرق البحر الأبيض المتوسط من آسيا الصغرى حتى مصر فلن يصلها شيء من هذا الخشب، ويذكر الكتاب العرب في القرن العاشر الميلادي كثيرًا حول تجارة البندقية وأملفيس وبالرمو ومسينا مع عرب شمال إفريقيا. فالسفن العربية كانت تصل محملة بالستائر الحريرية الثمينة وأغطية المذابح والأقمشة السوداء الجميلة والملابس ذات اللون الأزرق السماوي وجميعها تراد إلى أوربا من القيروان وسوسا وجابس، كما وجدت الأقمشة العربية النادرة طريقها إلى «مونت كاسينو» والأديرة والكنائس الموجودة في شبه جزيرة إبنين، ومن المستطاع مشاهدتها حتى يومنا هذا.
والشيء الجدير بالذكر أن هذه التجارة العربية ظلت زمنًا طويلًا محصورة في البلاد الواقعة جنوب جبال الألب ولم تستطع عبورها إلا أن بعد وقعت أحداث تاريخية هامة كانت بعيدة الأثر في الحياة الاقتصادية الشرقية الغربية، ومن هذه الأحداث أن بيزنطية استطاعت عام ٩٦١ م الاستيلاء على جزيرة كريت من العرب فأصبح الطريق إلى الشرق العربي مفتوحًا وعجزت القوة القيصرية أو البابوية عن الحيلولة دون قيام علاقات تجارية مع العرب في الشرق والاستفادة من تجارة العرب العالمية وثرائهم المتدفق. أما الحادث الثاني فكان عام ٩٩١ م عندما أرسل دوج البندقية وهو بطرس الثاني أو رسيولو سفراء إلى جميع الأمراء العرب محببًا إليهم البندقية وداعيًا إلى إقامة علاقات تجارية بينهم وبين بلاده، ولم يمض زمن طويل حتى أصبحنا نجد السفن التجارية تقلع من ليدو وجنوه بانتظام إلى سوريا ومصر؛