للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الفن المعماري برجع في الواقع إلى فن قديم قد يكون هو الذي كان مستخدماً في العصر الجاهلي عند تشييد المعابد مثل معبد صرواح في بلاد العرب الجنوبية وفي نظام المصلي الذي كان موجوداً إبان حياة الرسول. وكان تخطيط المصلى معروفاً في المدينة قبل تشييد أول مسجد بزمن بعيد، وقد استخدمه الرسول في مناسبات خاصة.

أما الحفيد الأموي في الأندلس فقد كان يدرك أنه لا يمكن الجمع بين المسجد والكنيسة فلم يحول الأخيرة إلى مسجد، وما كان في حاجة إلى ذلك، فقد مضى العهد الأول، العهد الذي لازم صدر الإسلام، لذلك نجد عبد الرحمن يدفع ثمن الكنيسة غالياً جداً ويهدمها ويشيد مكانها بناءً جديداً، حيث استخدم الأعمدة القديمة أيضاً.

لكن الاعتماد على فن المعمار الأجنبي أصبح في غير موضعه، واستخدام بعض المواد القديمة في البناء ليس معناه استخدام نفس الفن الذي استخدمت فيه هذه المواد بل استخدمت في تشييد فن جديد وهذا الفن المعماري الذي يعبر عن روح ذلك العصر وثقافته وحضارته وعقيدته، وبخاصة أنها تستخدم في تشييد مسجد الإسلام. وبالرغم من أن المنفذين لهذا الفن المعماري، من بنائين وعمال وغيرهم قد انحدروا من عناصر مختلفة إلا أن المعمار العربي كان مستقلاً عربياً خالصاً، وهذا الفن يستمد كيانه من خصائص وعناصر إسلامية دينية مثل: المحراب والمنبر والأريكة والمئذنة. فالفن المعماري، وفن المسجد إن كان سقفه يقوم على أعمدة كانت في الأصل في كنائس مسيحية فلا رابطة تربط بينها وبين الكنيسة بالرغم من أن الأعمدة قد أخذت من الكنيسة. والواقع أن المسجد والكنيسة معبدان يختلف كل منهما عن الآخر.

إن المسجد ليس هو بيت الله المقدس الذي يستطيع فيه المؤمن بواسطة رجل الدين التقرب إلى الله، بخلاف الحال مع الكنيسة فهي متى قدست أصبحت حقاً لا رمزاً مدينة سماوية يحكم فيها المسيح وأن القدس السماوية قد نزلت من السماء إلى الأرض، هذا هو معنى الكنيسة عند المسيحي في مختلف العصور، فمنذ القرن

<<  <   >  >>