للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الرابع الميلادي نجد الكاتدرائية المسيحية القديمة والقدس السماوية كمدينة قديمة وفيها أقواس النصر وقاعات ذوات عقود وقصر القيصر وقاعة العرش. وفي عصور متأخرة نجد الكنيسة الرومانية هي البرج السماوي لملك الجيش والكنيسة بأبراجها وحيطانها القوية ونوافذ لإطلاق النيران وحتى أبواب المدينة ممثلة فيها. والكاتدرائية القوطية تمتاز ببساطة البناء يضيئها نور سماوي وزخرف السماء وجمالها مما لا يجده الإنسان على الأرض. وهذه المدينة السماوية المضيئة تقرب بين المعاني القوية كما قال ذلك العالم «سيدلماير». إن جميع هذه المعاني لا يشير إليها المسجد كما أن هذا المعنى الشعري يعبر عنه المسجد تعبيراً واقعياً وهذه هي ميزته:

{يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ (٥٦)} [العنكبوت: ٥٦] وقال تعالى أيضاً: {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: ١٥٠]. هذه هي عقلية القدامى من البدو الذين عاشوا في الصحراء غير المتناهية فكانوا يشاهدون الكائنات غير المرئية، لذلك نجد المسلم مثل أسلافه يصلي في كل بقعة من الأرض ففيها يواجه الله. فلا توجد قواعد خاصة تقيد المسلم كما لم يفرض عليه الإسلام مكاناً خاصاً بالذات لتأدية فرائضه الدينية لا معبد ولا كنيسة كما أن تعبده لا يرتبط كما هو الحال في المسيحية بقسيس أو وسيلة تجمع بينه وبين الله. فلدى المسلم كل شخص يمثل الله وكل مسلم له الحق في أن يصلي بالمصلين ويكون إماماً في المسجد.

وغير الصلاة الخاصة الفردية التي يؤديها المسلم، على المسلمين أن يجتمعوا معاً ليصلوا جماعة، والبيت الذي يؤذن فيه لصلاة الجماعة هو «الجامع» الذي لا تقتصر مهمته على إقامة الصلاة به فقط بل هو مدرسة لتعليم التلاميذ والتفقه في المسائل الشرعية؛ لذلك يسمى الجامع الكبير حيث تؤدي صلاة الجمعة ويؤديها المسلمون يوم الجمعة، ويسمى هذا المسجد «المسجد الجامع» أو بالاختصار «جامع». والمسجد الجامع ليس مكاناً يمتاز بقدسية خاصة، وإنما يمتاز على غيره بميزات أخرى كما تمتاز الكنيسة على الأماكن الأخرى العادية ومساكن الناس، لذلك لم يلاحظ عند تشييد الجامع أن يؤثر بمظهره الخارجي في المصلين، كما أن تصميمه لا يختلف عن أي

<<  <   >  >>