للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وليس الفن العربي (أرابيسك) شيئاً آخر، واسمه يدلنا على أصالته العربية، وهو خير من يعرض الخصائص الرياضية المعنوية حيث نجد دوراتنا في الوسط وهذا الدوران يرجع إلى حيث بدأ، وبذلك يكمل نفسه تلقائياً ويكون شكلاً هندسياً كاملاً. إن الزخرفة العربية لا تمر سريعاً وليست حركة تتجه اتجاهين كما هو الحال في اللولب الكريتي أو «ميندر» اليوناني. وهكذا نجد الفن العربي فتاً حاضراً لا نهاية له فهو نظام خاص وهو أساس كل الكائنات وهو يتجلى في جميع المظاهر الطبيعية، وهكذا نجد الفن العربي يتزايد وينمو نمواً متجانساً ذا نغم ثابت. إن الفن العربي حاضر ولا نهاية له، إن الفن العربي لا أول له ولا آخر لا تحده حدود، فالمساحة في الفن العربي لا تعرف حدوداً بل تمتد وتمتد في مختلف الجهات لكن بالرغم من هذا لا تنمو نمواً غير مهذب ولا تتضخم تضخماً مريضاً فكل شيء في الفن العربي قد أحكمنه نظم وقواعد جبارة واضحة وضوح البلور وكأنها نغم متسق.

لقد تعمق «جوته» في الحياة العقلية الشرقية وعاش فيها، لذلك ندرك تماماً عباراته الشعرية التي صاغها في الشعر العربي ووصفه بها، وما يقال عن الشعر يقال أيضاً عن الفن العربي. ولماذا؟ لأن الشخص الذي تملكت شعوره وإحساساته الطباع والمشاعر الشرق به يتصف ولا شك بهذه العقلية العربية:

إن عدم نهايتك دليل عظمتك.

وعدم بدايتك مقدر لك.

إن قصيدتك تدور كالقبة الزرقاء.

الأول هو الآخر دائماً. دائماً لا يتغيران.

وما أبي به الوسط معروف.

الذي يبقى إلى النهاية كان هو الأول.

والتأثير العربي أو التعريب يقع عندما يحاول الفن العربي الاستعانة بالنباتات الفارسية أو المصرية للزخرفة، فنجد الفن العربي سرعان ما يجرد هذه الزخرفة من قيمها المحسوسة كما يجردها من جسدها.

<<  <   >  >>