للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

لأن رئيس دير «كلوني» لاحظ عام? ? ? ? ومعه مرافقوه العقود المدببة في بناء جبل كاسينو الذي كان قد شيده رئيس الدير المسمى «ديزيدريوس» خبير صقلية والعالم بها وبغزاتها النورمانيين. وقد تم له ذلك بمساعدة معماريين عرب وعمال مصريين وهم الذين علموا رهبانه فنهم المعماري. كذلك يلاحظ أن الصلات بين صقلية وبورجند كانت كثيرة وقوية، فالبلاد المقدسة بالنسبة لـ «كلوني» تقع جنوب البرنات وممتدة على طول الطريق المؤدي إلى قبر حواري «سنتياجو» وهو الإسباني الذي كان يعارض الدعوة الإسلامية. وإن الطريق الطويل للحج الذي يبدأ من باريس يمر فيه سنويا الآلاف من الحجاج إلى أقدس المقدسات المسيحية في أوربا يملأون جوانب الأديرة الكبرى وكنائس «كلوني» ومعظمها مهداة من ملوك إسبانيا. كما نجد كثيرين من سكان «كلوني» الفرنسيين كانوا في القرن الحادي عشر أول الأساقفة والقسس ورؤساء الكاتدرائيات في الأقاليم الأندلسية التي استولت عليها المسيحية. أما الأمراء الإسبانيون المسيحيون وعلى رأسهم الملك المستعرب ألفونس السادس والذي كان أصلاً أحد السكان ثم صار فاتحاً لطليطلة العربية، فقد كانوا يقدمون طاعتهم وولاءهم لرئيس دير «كلوني»، وذلك عن طريق تقديم هدايا، وأموال طائلة ليست فقط ذهبا بل غنائم حربية عربية وغيرها من الهدايا القيمة. وهذه الهدايا التي قدمها ألفونس السادس هي التي استغلها رئيس الدير المسمى هوجوه في سبيل تشييد الكنيسة العظيمة في «كلوني»، كما تعهد بإقامة صلاة على روح المهدي، أعني ألفونس السادس وعلى مذبح خاص.

فلو كان العقد المدبب عبارة عن زخرفة فقط عند العرب ما وجدناه شاحباً في جبل «كاسينو» و «بيزا» و «كلوني» والفن البورجندي الرومانتيكي. إن الدور الهام لهذا العقد في أوربا هو الدور المعماري البنائي الأصل في الفن الغوطي؛ وبذلك احتل دورا هاما في الكاتدرائيات الغوطية. وهذا الدور الذي بلغه العقد المدبب لم يبلغه العقد المستدير في الفن الرومانتيكي.

لكن هذا الفن لم ينتقل بمفرده إلى الفن الغوطي بل نقل معه ورقة العشب والعقد من إسبانيا وكانت تستخدم في زخرفة النوافذ والمحاريب. ثم نجد التناقض يبدو

<<  <   >  >>