للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وبينما نجد الموسيقيين الأوربيين يعتمدون عند ضبط القانون وما إليه، على الأذن إذ بنا نجد طالب الموسيقى في مدرسة زرياب يتعلم العزف على رقبة العود، وفي هذه الرقبة نجد ارتفاع النغم وقد قيس قياساً خاصاً عن طريق جمعها معاً، وهذا من المزايا الكبرى التي تحبب الآلات الموسيقية العربية إلى الأوربيين.

وربما كانت هذه الآلات هي التي دفعت الأوربيين إلى معرفة الإيقاع وإجادته، وهذا قد أدى بدوره إلى خلق أوربا للرباعي والخماسي والثماني، ولا سيما أن الأوربي ميال بطبعه إلى العمودية، وقد دفعه هذا الاستعداد إلى خلق الموسيقى المتجانسة، وهذه محاولة لم يشعر بها العربي نظراً لطبيعته الخاصة.

وقد أثرت الموسيقى العربية أيضاً عن طريق النغم الموسيقى العالي الموجود في صوت الخصيان، كما أثرت أيضاً بأنغامها وأوضاعها الموسيقية الخاصة التي كانت شائعة في الأندلس في الفترة الممتدة بين القرنين الثامن والثاني عشر في الموسيقى الأوربية سواء الفنية منها أو الشعبية، وكان الأثر شديداً جداً في الموسيقى اللاتينية كما يتضح لنا هذا واضحاً من اقتباساتها تعبيرات وخصائص موسيقية عربية، وقد يكون العرب قد تأثروا في هذا ببعض النظريات اليونانية إلا أنهم كرياضيين وعلماء طبيعة بالفطرة أجروا عليها كثيراً من الاختبارات والتجارب التي مكنتهم من تنقيحها، وبالرغم من أن هذه النظرية قد جاءت عن علماء لهم شهرتهم الخاصة فإن العرب قد نقحوها وخطوا بها خطوات واسعة وسبقوا اليونان فيما وصلوا إليه أو جاءوا به. فنحن نجد عدداً كبيراً من علماء الموسيقى العرب قد شاركوا في هذه الأبحاث، إلا أنه مما يؤسف له حقاً أن ما وصلنا عنهم قليل جداً، وقد ترجم بعضه. ويدين إلى العلماء العرب من الأوربيين أمثال «جونديسلفوس»، و «فنسنت دبوفيه»، و «يوحنا أجيديوس»، و «روبرت كيلوردباي»، و «رامون لل»، و «سيمون تونستيده»، و «روجير بيكون» و «آدم فون فولده» حيث تأثروا بالعرب وأخذوا عنهم كثيراً. ويعد الإنجليزي «ولتر أودينجتون» العالم العربي ابن

<<  <   >  >>