للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

سينا أنه عالم موسيقى من المرتبة الأولى. ومؤلفات الفارابي الموسيقية كانت موضوع عناية ودراسة حتى القرن السابع عشر الميلادي. وقد تعلمت أوربا عن ابن سينا والفارابي العلاقة بين ٤.٥= النغم الثالث الكبير و ٥.٦ = النغم الثالث الصغير، فقد غيروا صوت النغم الثالث وهو عدم الموافقة في الألحان وجعلوا منه النغم المألوف إلى آذاننا اليوم أعني تجانس الألحان. وقد اهتم الجراف السويبي وهو «هرمانوس كونتراكتوس الذي كان يقطن في «ريشناو» كعالم يقدر العرب وعلومهم تقديراً عظيماً، بسائر مؤلفات الكندي وبخاصة ما يتعلق منها بالموسيقى وأخذ عنه كتابة الموسيقى العربية. أما المقاطع «دورم فاسول لاسي» التي يقال عنها إنها من وضع الإيطالي «جويدو فون أريتزو» الذي يقال إنه وضعها حوالي عام ١٠٢٦ م وقد راعى فيها أوائل سطور ترنيمة يوحنا، فالواقع أن المقاطع الموسيقية (در .. ) إنما اقتبست من المقاطع النغمية العربية (د) تنطق قديماً (د) مضمونة ثم (ر) (م) (ص) (ل) (س)، وهذه كثيراً ما نجدها في مقطوعات موسيقية لاتينية مشتملة على كثير من المفردات العربية، وهذه المقطوعة اللاتينية ترجع إلى القرن الحادي عشر، وقد وضعت في جبل «كاسينو» الذي كان يقيم فيه العرب.

وقد عاش المغني العربي زرياب في قصر الحاكم الذي كان يقدره ويجله، لذلك كان موضع حسد الكثيرين وحقدهم، وفي مقدمة حاسديه والحاقدين عليه لجمال صوته وأثره البعيد يحيي بن الحكم الملقب لجماله بالغزال. وكان يحيي هذا شاعراً موهوباً؛ لذلك عينه الحكم الأول في بلاطه، وقد حرص يحيى على الاحتفاظ بمكانته في القصر مدافعاً عنها أمام هذا الأجنبي القادم من بغداد. وهكذا نجد هذين الفنانين يتنافسان، كل يحاول بفنه ومهارته الانتصار على منافسه، وحال عبد الرحمن أن يبعد كلاً منهما عن الآخر، فأرسل الغزال سفيراً له في القسطنطينية حيث استولى هذا الأندلسي اللبق بأحاديثه وجماله على قلوب الفاتنات وبخاصة القيصرة التي رغبت إليه أن يقيم دائماً في القصر، إلا أنه لم يكد يعود إلى قرطبة مغروراً بهذا التوفيق الذي أحرزه في القسطنطينية حتى هاجم زرياب المغني الذي كان قد خلاله الجو فازدادت مكانته، وفي ذلك الوقت كان عبد الرحمن المحب

<<  <   >  >>