لكن استخدام الحركات يخضع لقواعد خاصة، وهذه الحركات واستخدامها سبب من أسباب خلق ألفاظ عديدة جداً تتفق جرساً وتختلف معنى، كما نجد ألفاظا تختلف في حروفها المتحركة أعني نشأة السجع.
فهذه الصفة التي تمتاز بها العربية والتي تختصها بنغم واضح جلي تتطلب ولا شك قيام شعر مقفي أو نثر مسجوع، فهذه الصفة خاصة بالعربية، والعروض العربي لا اليوناني ولا اللاتيني هو الذي أثر في الآداب الأوربية والعالمية. وإذا كانت اللغات الجرمانية وعلى الأقل اللغة الألمانية لا تتفق والسجع، فإن اللغة العربية الشرقية نجحت في القضاء على منافساتها والإبقاء عليها سجينة حتى أصبحت اليونانية وكأنها أجنبية بالنسبة للألمانية والألمان.
لماذا يستخدم الشعراء الألمان اليوم الوزن (الهكساميتر) القديم؟ لماذا لا يقول الشاعر الألماني غزلاً في هذا الوزن القديم؟ لقد ظلت الترانيم الكنسية الدينية والأشعار الدنيوية زمناً طويلاً مرتدية ثوباً لاتينياً. ولماذا لم يستخدم الشعب الألماني عندما أخذ يقول الشعر العروض القديم لصياغة هذا الشعر؟ ولماذا فضل عليه العروض العربي؟ هل السبب هو الميل الشديد إلى النغم، وأن الشعر المقفى الذي يكسب الروح قوة ويقظة - وإن كان غير مفيد. يتفق واستعداد الشعب؟ أو هل كانت هي الحاجة الملحة إلى الموسيقي وليس التقطيع اللغوي للرومان أو الجمود الأجنبي اليوناني حيث يستعاض عنه بالنغم؟ من المؤكد أن أغاني «جوته» و «هينه» كانت شيئاً آخر غير تلك التي جاءتنا لو لم يقرر الذوق الشعبي فناً شعرياً آخر. والآن نتساءل: كيف بلغ السجع والنغم هذه المكانة العالمية؟
فأول عامل مؤثر جاء من صلوات اليهود في المعابد في القرن الأول الميلادي وذلك عن طريق بيزنطة والترانيم المسيحية القديمة والصلوات التي كانت تقام في الكنيسة الرومانية الشرقية في الشعر الديني اللاتيني في الكنيسة الرومانية الغربية التي كانت صدى للمؤثرات الشرقية. كما نجد رهباناً مصريين وسوريين وبعض البيزنطيين الذين هربوا إبان النزاع الذي قام حول الصور، قد أقاموا سداً منيعاً ضد هذا التيار في الأديرة الأوربية. أما الباباوات المنحدرون من أصل شرقي ومعهم