للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ففي هذه القصيدة وهي الصورة الشعرية القديمة حيث تتكرر بها الأنغام ويتكرر الروى أو القافية قدم العربي الصورة الصادقة حقاً للفن العربي في زخرفة المساحات، وهذا الفن الشعرى يعرف حتى اليوم على أنه قديم. لكن المدارس الشعرية الحديثة كمدرسة أبي نواس في بغداد، أو مدرسة الشاعر الأعمى الذي عاش في نهاية القرن التاسع الميلادي في بلاط الأمويين في قرطبة، قد حطمت القيود القديمة للشعر العربي والقصيدة العربية وجاءتنا بفنون أخرى جديدة. فالقصيدة مقسمة إلى أدوار مستقلة في هيئة أغان مع تغيير وتنويع القافية مع الشيء الكثير من البيان والبديع. فمثل هذه الفنون الجديدة أو هذا التطور في القصيدة العربية ظهر في إيران على يد الفردوسي وعمر الخيام وآخرين، وانتشر هذا الفن بسرعة ونقله وردده العرب في العالم الإسلامي من قرطبة حتى قرى القوقاز ومن طوس ونيسابور في إيران حتى نهر النيجر والجنج. لكن هذا الفن الشعري قد استقبلته أوربا استقبالاً حسناً وحماسياً فشعراء التروبادور بزعامة الهرزوج «فلهلم التاسع فون أكويتانين» استخدموا هم والشعراء الغزاليون نغماً عربياً وقافية عربية كما استخدموا الأدوار العربية والأوزان العربية وخصائص أخرى من خصائص الشعراء الغنائيين الأندلسيين، وكذلك مغني الدروب أعني المغني المتجول. ويتجلى هذا الأثر في صورة واضحة جلية في الأغاني الدينية للملك ألفونس الحكيم الذي تأثر بلاطه بالعرب الذين كانوا يحيون فيه أو بالعرب عامة، كما نجد هذا الأثر العربي في مؤلفات «يوان رويز» كبير قساوسة «هيتا» الذي كان منغمسا في الحياة الإسلامية والتقاليد الإسلامية كما قال شعرا وأغاني راقصة لصديقاته بين المغنيات العربيات، كما نجد الأثر العربي في أغاني عيد الميلاد في اللغة اللاتينية وفي الأدوار الفرنسية والقصائد.

أما في إيطاليا فالأثر العربي أشد وأقوى منه عند التروبادور، فهنا في إيطاليا نجد الأغنية العربية تجد معجبين كثيرين وبخاصة في الحياة والترانيم الدينية كما هو مشاهد عند القديس «فرنس فون أسيسي» والفرنسيسكاني «فراجا كابوني دا تودي» الذي كان معاصراً لدانتي كما في «دولش ستيل نوفو»، وعند دانتي نفسه. وأشد ما يكون الشعر

<<  <   >  >>