للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وعبيراً وجرساً، وهنا ندرك السرور عند بلوغ الهدف والتعبير عن غرضه التعبير الصادق.

ولكي نصور قوة اللغة في التعبير عن الصور تعبيراً دقيقاً نذكر لامية الشنفري، وهذا شاعر جاهلي، والشنفري هنا ثائر على الناس وعلى الله؛ لذلك فهو يهرب إلى حيث الوحوش الضارية والذئاب والضياع فيتخذ منها أصدقاء له.

ومن فرط إعجاب الشعب بهذه اللامية ضمها إلى المعلقات هذه القصائد التي تعتبر من مفاخر الشعر الجاهلي فأجازها وأجاز قائليها. كذلك لنقرأ القرآن الكريم حيث نلمس قوة اللغة وجمال الأسلوب وفصاحته:

{وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا (٥)} [العاديات: ١ - ٥]. أو قوله تعالى:

{إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوَارِ الْكُنَّسِ وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} [التكوير: ١ - ١٩].

وما جاءنا في الشعر العربي خاصاً بالحيوانات العزيزة لديهم كثير جداً، كهذا الوصف الجميل في الفرس ومنه:

غدونا بضاف كالعسيب مجلل ... طويناه حيناً فهو شرب ملوح

ولم يقف الشعر عند هذا بل نجد الأندلسي يصف قوسه وصفاً دقيقاً حياً، كما يعرض ابن شرف لطلوع الشمس فيصورها كما صورها الشاعر الألماني «موريكه».

إن الخيال العربي لا يعرف حدوداً، فهو عوضاً عن أن يصف الأشياء من ظاهرها يبعث فيها الحياة والحركة فكل زهرة تتفتح في الظلام وتفتح فاها باحثة عن ضرع

<<  <   >  >>