للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

تبدلت من عز ظل البنود ... بذل الحديد وثقل القيود

وبعد أن كبله يوسف نقله وأسرته في سفينة فبكاه شعبه على ضفاف الوادي الكبير ولطم النساء وجوههن، ونقل المعتمد وأسرته من طنجة إلى مكناس جنوباً حتى «أغمات»، ومن ثم عزل عن باقي أفراد أسرته ليمضي حياته في السجن.

وهكذا نجد المعتمد يقضي آخر سنى حياته في البؤس والشقاء، وإن أصبح شاعراً مفلقاً بل أعظم شاعر أندلسي، وتوفي ووري اللحد كسير النفس شقى الفؤاد بعد أن رثى نفسه قبل وفاته بكثير من المراثي التي تعتبر من أشهر ما قيل في هذا الفن سواء في الجاهلية أو الإسلام. فقد ظل في السجن خمس سنوات قاسي فيها ويلات الذل والسجن والمرض وفي عام ١٠٩٥ ترك الحياة وهو ابن خمس وخمسين سنة، ودفن إلى جانب «رميكة» في «أغمات».

وفي أوائل القرن الثاني عشر خرج رجل من إشبيلية مخترقاً الصحراء العربية فلقى ترحيباً عظيماً من أفراد قبيلة لحم. وفي إحدى الليالي أصابه أرق فخرج من خيمته وأخذ يتطلع إلى السماء المليئة بالنجوم ورأى في القمر الوضاء ما ذكره بسيده السابق فأخذ يردد بعض الأشعار.

وفي هذه اللحظة فتح باب الخيمة التي كان فيها وخرج منها رئيس القبيلة وسأله: لمن هذه الأشعار الواضحة كالنهر العذبة كالمرج الذي سقاه ماء المطر؟ إنها أشعار حلوة كصوت الغانية وقد حلت عنقها بقلادة من الذهب. إنها أشعار قوية لها رنين يشبه صوت البعير. وحكم البدرى على اللغة يعتد به كمرجع من مراجع جودة اللغة والشعر وهو حكم يغاير حكم سكان المدن.

فأجاب الرجل الإشبيلي أنه لملك ملك على وطنه من العباديين ومن قبيلة اللخميين، فامتلأ رئيس القبيلة فخاراً وعجباً إذ اكتشف مأثرة أخرى من مآثر قبيلته فنادى الشيخ أفراد قبيلته وأخبرهم ما يشرفهم أن شاعراً عظيماً قد ظهر منهم. وهكذا نجد الأشبيلي يقص على كل القبيلة خبر ملكه الشاعر العظيم الكريم الذي كان فارساً عظيماً لا يخاف الموت ولا يخشاه، وأميراً كريماً لا يجاري في كرمه، ولما انتهى من الخبر امتطى البدو الخيل فرحين فخورين ليحتفلوا بهذا الخبر فاهتزت

<<  <   >  >>