ثم نجد الملك ألفونس السادس الذي كان يلاعب ابن عمار الشطرنج يحيا حياة عربية؛ لأنه فقد بلاده وعرشه على يد أخيه الطموح ولجأ ألفونس هذا إلى العرب فأووه، فأثر هذا في الملك الشاب تأثيراً بليغاً. فنجد يحيي مأمون ملك طليطلة يضم إليه هذا الفتى سنوات عديدة ويعامله كما لو كان ابنه الخاص كرماً وحسن معاملة وعطفاً ومنحه قصراً وعين له حاشية ورصيداً وجميع ما يكفل له حياة سعيدة مستقرة لذيذة، وعندما تمكن ملك قسطيلية بعد حرب دامت خمس سنوات من الاستيلاء على طليطلة افتخر بهذا الفتح وأطلق على نفسه حاكم أتباع الديانتين، وكان يستولي أيضاً على إشبيلية وقد بلغ به إعجابه بما حصل عليه أن تزوج بعربية وعاد بها إلى بلده، وقد حقق أمنيته عندما زوجه أكبر حكام الأندلس (المعتمد) الذي ينتمي إلى قبيلة عربية عريقة كبرى بناته البالغة من العمر عشرين عاما واسمها «سيدة» ويعتقد الإسبان أنها كانت على جانب عظيم من الرقة والرشاقة. هكذا تصورها الملك الذي كان في تلك اللحظة قد توفيت زوجته وهذه الرشيقة الرفيعة ما هي إلا ابنة «رميكة» التي أصبحت الملكة الصغيرة الجديدة، وقد جاءت ومعها كثير من معالم الحياة العربية الراقية في ذلك الوقت وقدمتها للقصر الملكي في قسطيلية. و «سيدة» هي العربية الوحيدة بين زوجاته الست الشرقيات اللواتي قدمهن له رئيس دير «كلوني»، كما قدم له زوجاته غير الشرعيات. وقد ولدت «سيدة» للملك ألفونس السادس ملك قسطيلية ولياً للعهد. لكن «سنخو» الصغير الذي كان موضع فخر والده خر قتيلاً وهو لم يبلغ الحادية عشرة في معركة حارب فيها ببطولة لا تتناسب وسنه، وكانت هذه المعركة ضد البربر الذين كانوا أيضاً أعداء جده. أما بناته فقد زوجهن ألفونس بناء على توجيه رئيس الدير المسمى هوجو الأكبر رئيس دير «كلوني» إلى أمراء بوورجنديين وفرنسيين. كما أن ابنته «ألفييا» كانت أول زوجة للملك روجير الثاني ملك صقلية. وهكذا نجد العلاقة الودية القلبية واتباع سياسة الزواج، تعتبر القنطرة التي تعبر عليها الثقافة والحضارة.
والزواج بين فرسان شمال إسبانيا والأندلس أو حتى بين طبقات الشعب كان شيئاً عادياً مألوفاً، فقد اقترن شاعر أسباني بمغنية عربية وتوجه معها حيث أقاما في وطنها غرناطة واعتنق الإسلام، كما وقع كذلك في حب أختها التي تزوجها أيضاً.