للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

إحراز النصر. وتقلد إنجليزي من «هستينجز» أول وظيفة كأسقف للشبونة. أما المدينة فقد أصبحت من نصيب الملك «ألفونسو أنريكو» لكن الأسلاب الكثيرة سلمت إلى الأجانب حسب اتفاق تم مع المسلمين. كذلك نعلم أنه أعتق الفرنسيين والألمان والبورجنديين والصقالبة الذين كانوا مستعبدين في الأندلس، وكثرت الأقاويل حولهم حول أقاربهم الذين كانوا يزورونهم رغبة في التحصيل والعلم في قرطبة وسرجوسة والماريا. فقد نقل هؤلاء كثيراً من ضروب الثقافة والحضارة العربية عبر جبال البرنات كما نقلها تجار من ليون وكونستنس وجنوه ونورنبرج، فقد كان هؤلاء التجار يقصدون سنوياً الأسواق التجارية الأندلسية. كذلك انتقلت هذه الحضارة الأندلسية إلى أوربا عن طريق ملايين الحجاج المسيحيين الذين كانوا يفدون من جنوب إسبانيا ومن جميع الجهات الأوربية مارين بفرنسا حيث الطريق المعروف باسم «فيا فرنسينيا» في بلاد يعقوب إلى سنتياجو ده كومبوستيلا، وكان أولئك الحجاج كثيراً ما يقصدهم التجار من مختلف الجنسيات ويقيمون محطات تجارية على طول الطريق الذي يسير فيه الحجاج. ومن أشهر الجماعات التجارية جماعة من البسك والبريتونين والألمان والإنجليز والبورجنديين والنورمان والبروفنسال واللومبارديين، وآخرين من طولوز، كما نجد تجاراً آخرين كثيرين من مختلف الأجناس ويرطنون مختلف اللغات. وقد وصلتنا وثيقة عثر عليها في دير. ثم نجد عدداً كبيراً من الرهبان والقس والفرسان والتجار الذين كانوا يفدون بدون انقطاع من فرنسا وبورجوند حيث يغمرون شبه جزيرة إيبيريا، وكما يقول المثل إذا اختصم اثنان فرح الثالث لأنه هو الذي سيكسب.

ومن رسل نقل الحضارة الأندلسية إلى أوربا أيضاً اليهود كتجار وأطباء وعلماء في العلوم العربية، فقد نقلوها بمختلف أنواعها وفروعها إلى أوربا، كما ساهموا في أعمال الترجمة في طليطلة. وكذلك عن هذا الطريق وصلت أوربا قصص عربية كثيرة ودخلت، بعد أن ارتدت رداءً جديداً، في القصص الأوربي والأساطير والأشعار.

أما الدور الهام في نقل فن الغناء العربي إلى القصور الملكية المسيحية فقد قام به

<<  <   >  >>