للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

على الورق القديم لإعادة استخدامه ثانية. واستتبع اختفاء الورق ندرة الكتَّاب الذين يجيدون الخط وظل الحال كذلك عدة قرون حتى أحضر بعض الحجاج من أسبانيا هذا النوع الجديد من ورق الكتابة والذي كان يستخدمه العرب في جميع مراسلاتهم التجارية وغيرها. وما كاد القوم في أوربا يرون هذا الورق حتى تهافتوا على استيراده فسافرت وفود تجارية من «نورنبرج» و «رافينز برج» و «بازل» و «كونستنس» إلى برشلونة ومنها إلى بلنسية حيث تقوم في ضواحيها أكبر وأحسن مصانع للورق، وقد قال فيه الرحالة العربي الجغرافي الشهير بالإدريسي: إنه لا يوجد في العالم ورق يضارعه جودة.

وفي عام ١٣٨٩ نجد تاجر التوابل المشهور «أولمان شترومر» أنشط أبناء الأسرة التجارية المعروفة بهذا الاسم في «نورنبرج» والذي كان يتولىة تجارة الزعفران ونقله إلى أسبانيا يقرر إدخال صناعة الورق إلى وطنه فأسس في ذلك العام بالقرب من «نورنبرج» أول مصنع للورق في ألمانيا مستعينا ببعض العمال من إيطاليا التي كانت قد سبقت وأسست أول مصنع ورق في أوربا عام ١٣٤٠ م.

لكن ألم تدون قبل قرنين ونصف قرن أول وثيقة على الورق في دولة مسيحية أوربية وكان ذلك عام ١٠٩٠؟ أو أن المؤرخ لا يعتبر جزيرة صقلية التي انتزعت حديثًا من العرب وسكانها المسلمين، وآلت إلى النورمان جزءًا من أوربا؟

ففي عام ١١١٥ تأكد تجديد أحقية روجر الثاني في عرش صقلية بناء على وثيقة من والده الجراف الأكبر روجر عام ١٠٩٠ بحجة أن هذه الوثيقة مدونة على ورق بالرغم أنه من هذا النوع الرقيق المصنوع من القطن في القيروان والذي كان من الصعب الاحتفاظ به في حالة جيدة، وجرت العادة أن تدون الوثائق على الورق القوي. والسبب في هذه الصعوبة التي اعترضت أحقية روجر الثاني في العرش تمزيق هذه الوثيقة وتشويهها مما أشكل على القارئ قراءتها مع وجود بعض التغيير فيها؛ لذلك ظل الملك روجر الثاني طيلة مدة حكمه مشغولا بفحص وثائق آبائه ووثائقه وإعادة كتابتها. ومن بين هذه الوثائق التي أعاد كتابتها تلك التي دونت عام

<<  <   >  >>