١١٠١، وفيها تهب والدته الأميرة «أديلاسيا» دير القديس «فيلييو» مصنعًا للورق شيده العرب، والدافع إلى تغييرها عام ١٠٠٢ هو كتابتها على الورق.
والشيء الجدير بالذكر هنا أن صناعة طواحين (مصانع) الورق كانت من اختصاص العرب وعنهم أخذها الغرب كما أخذت أوربا كذلك طواحين الماء والهواء وغيرها. وصناعة الورق لم تظهر إلى الوجود بين عشية وضحاها فالورق قبل أن تعرفه أوربا قطع طريقًا طويلًا محفوفًا بالمتاعب والمشاق. ولعل من أهم الدوافع التي دعت إلى اختراعه الحاجة الملحة إلى مادة للكتابة في متناول مختلف طبقات الشعب ولا سيما أن أسعار الحرير الصيني الذي ظل زمنًا طويلًا مستخدمًا للكتابة كانت خيالية مما اضطر المفكرين إلى إيجاد حل لهذه المشكلة، ففي عام ١٠١٠ م وفق «تساي لون» مدير المصانع الحربية القيصرية إلى حل هذا اللغز، ولعل سرجًا من اللباد أو شعر الماعز أو البقر والذي تخصص فيه الأتراك الرحل الشرقيون، هو الذي أوحى إلى «تساي لون» فكرته الجديدة وشرع توًا في تنفيذها فاستغل قشور الشجر والحلفاء والخرق وشباك الصيادين القديمة فقطعه إربًا. فكان له هذا الورق الذي استغنى به عن الحرير الغالي الثمن.
وحدث أن نزل العرب عام ٧٥١ م عددا كبيرا من أسرى الحرب الصينيين في مدينة سمرقند وخيروا الأسير بين العتق والرق وجعلوا ثمن العتق مباشرة حرفة من الحرف فاتضح أن عددا كبيرا من أولئك الأسرى الصينيين يجيد صناعة الورق فأعتقهم المسلمون وشيدوا لهم المصانع الضرورية فنشروا صناعة الورق في العالم الإسلامي، ومع مضي الزمن تقدمت هذه الصناعة باستخدام الكتان والقطن في صناعة الورق الأبيض الناعم الجميل الذي وجد أسواقًا رائجة في مختلف أنحاء العالم الإسلامي وبخاصة في عاصمة الدولة العباسية بغداد، ومن ثم اقتبست أوربا هذه الصناعة، كما اقتبست غيرها من العرب. فالورق صفحة من صفحات الفخار للعروبة والعربية.
وأدرك الخليفة المنصور (٧٥٤ - ٧٧٥ م) أهمية هذه الورق وكثرة الحاجة إليه في مختلف الدواوين والمعاهد العلمية، وتهافت عليه العلماء والنساخ والتجار وغيرهم