أما اليونان فقد استخدموا منذ عصر صولون حتى القرن السابق للميلاد أوائل حروف أسماء الأعداد، ثم كانوا يرتبونها ترتيبا خاصا صعبا ويكونون من الآحاد العشرات ثم المئات، ومن هنا نطق العدد يختلف اختلاف بيِّنًا عن كتابته.
وحوالي عام ٥٠٠ ق. م طرأ على العدد اليوناني نظام جديد استخدم في أول الأمر في الرياضيات كما استخدم حروف الأبجدية الأربعة والعشرين بعد أن أضاف إليها ثلاث إشارات سامية الأصل. والواقع أن اليونان قد أخذوا الأبجدية وترتيبها واستخدام حروفها للدلالة على الأعداد عن الساميين.
ونحا نحو اليونان الرومان فقد استعانوا بحروف الأبجدية للتعبير عن العدد مع ملاحظة أن التقارب بين رسم الحرف ودلالته العددية جاء عفوا، فالروماني استخدم أصلا إشارات تشير إلى أغصان وكانت تكون خطوطا عمودية وترتب سويًا بحيث أنه إذا أراد أن يعبر عن العدد ثمانية جاء بثمانية أغصان ووضعها إلى جوار بعضها وإذا أراد التعبير عن العدد عشرة جاء بعشرة أغصان وثقبها بطريقة صليبية X)) ونصفها (٧) أو (٨) = (٥). وهنا تتفق الأعداد الرومانية مع الإتروسكية والأومبرية مع ملاحظة أو الرومانيين استخدموا النصف الأعلى من الإشارة الدالة على العشرة أعني (٧) للدلالة على العدد (٥) بخلاف الإتروسكيين الذين اختاروا الجزء الأسفل (٨) للتعبير عن (٥) وهكذا عن طريق التصليب والتدوير والتنصيف تكونت بقية الأعداد حتى الألف. والشيء الجدير بالملاحظة أن هذه الإشارات الإيطالية -مع بعض الفوارق الطفيفة- ترجع إلى عصر أقدم من معرفة الإيطاليين بالأبجدية، ومع مرور الزمن نجد الإشارات الدالة على الأغصان تأخذ شكل الحروف مثلًا (١) = (١) و (٧) - (٥) و (X) - (١٠) و (L) =(٥٠) و (C) =(١٠٠) و (D) =(٥٠٠) و (M) =(١٠٠٠).
أما الشبه القوي بين الإشارتين الدالتين على العددين (١٠٠) و (١٠٠٠) وبين الحرف الأول من لفظ (سنتوم) أي مائة والحرف الأول من كلمة (ميل) أي ألف فقد وقع بمحض الصدفة، وهذا الشبه هو الذي سهل الانتقال إلى استخدام الأبجدية التي شاع استعمالها في العصور الوسطى.