للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

والآن نتساءل ما الفرق بين كتابة العدد وتسميته والنطق به؟ إن كل عدد بل حتى الواحد يتكون من أجزاء كما تشتمل علبة الحساب على وحدات عددية مجتمعة وتعد فرادى كما يعد الإنسان نقودًا متساوية القيمة، وبينما يقول الروماني: (كوادر ينجنى أو كتوجينتا سبتم أي: أربعمائة وثمانين وسبعة إذ به يكتب «مائة. مائة. مائة .. مائة، خمسين، عشرة عشرة عشرة خمسة واحد. واحد». فالإشارات الرومانية الدالة عليها هي (cccclxxxvli). فلغة العدد واضحة منتظمة نظيفة ومتصلة من حيث النطق. أما كتابتها فمضطربة وإجراء العملية الحسابية البسيطة بها يتطلب جهدا كبيرا لصعوبتها. فلهذه الكتابة العددية حدودها لأنها لا تملك منم الإشارات ما يمكنها من التعبير عن كل القيم الحسابية. فالزائر للفوروم الروماني في روما يشاهد على الأعمدة السفن القرطاجنية التي استولى عليها الرومان في أول معركة بحرية انتصروا فيها عند (ميليه) على القرطاجنيين عام ٢٦٠ ق. م، وللتعبير عن العدد (٢٢٠٠٠٠٠) استخدم الكاتب ما لا يقل عن (٢٢٠٠٠٠٠) إشارة وقد حفرت كل واحدة منها إلى جانب الأخرى، وهذا العدد هو أقصى ما عرفه الرومان والحساب الروماني والإشارات الرومانية.

وفي نصف الكرة الغربي كان الهنود هم الشعب الوحيد الذي ارتقى عن مستوى استخدام الطرق البدائية الحسابية العددية فلا تصفيف ولا ربط بين أجزاء متفرقة، فقد قسموا كل وحدة من وحدات الآحاد التسع كما تفعل ذلك اللغة أيضًا، وأوجدوا لكل جزء من العدد الإشارة الخاصة الدالة عليه، وبذلك يكون الهنود قد توصلوا إلى اختراع من أهم الاختراعات التي توصلت إليها الإنسانية. فهذه الآحاد الثابتة غير المتغيرة اكتسبت داخل حدود العدد قيمتها كآحاد وعشرات ومئات وآلاف وهَلُمَّ جَرَّا؛ لذلك أصبح ميسرًا للهنود كتابة أي عدد مهما عظمت قيمته.

أما الصينيون فبالرغم من أنهم كانوا يستخدمون كذلك نظام الخانات أعني الآحاد، العشرات، المئات الآلاف و ... إلا أنهم كانوا يكتبون إلى جانب العدد الخانة التي يدل عليها مثلا العدد (٣٩٥٢) كانوا يكتبونه هكذا (٢ أحاد ٥ عشرات ٩ مئات ٣ آلاف).

<<  <   >  >>