للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فوق «أباكوس» إلا أنه في الأمثلة الحسابية التي ذكرها في كتابه وجد من الضروري استخدام الأعداد الرومانية؛ وعلة هذا أن «جربرت» لم يعرف «الصفر». ففي جدول الحساب عند كتابة العدد (١٠٠٢) تظل خانات العشرات والمئات خالية وعندما تنقصها أحجار الحساب لا يبقع الإنسان في الخطأ حسب الطريقة الرومانية ويقرأها (١٠٠٢) لكن ترك خانات العشرات والمئات بدون صفر يجعل كتابته مستحيلة، وبدون معرفة الصفر ما كان في استطاعته «جربرت» وتلاميذه فهم الطريقة الجديدة لكتابة الحساب، وكانت هذه هي الصعوبة الأولى التي اعترضته ووقفت حجرًا في طريقه وفي تطور هذه الكتابة واستخدامها. فما أشبه التمثيلية القصيرة وهي على مسرح الحساب الروماني بفرقة أجنبية تفرض عليها تمثيلية بعينها أجنبية عليها فهي لا بد فاشلة في أدائها.

والشيء الجدير بالذكر أن «جربرت» والذين تخرجوا عليه أخذوا يقومون بدعاية قوية للتفكير الرياضي محاولين نشر حساب العمد فوق الأباكوس الروماني؛ لذلك عرفوا باسم «أبا كوسيين». أما الأعداد الأجنبية التي حاول «جربرت» نشرها فلم تتعد دائرة العلماء فقط، لذلك ظلت سيادة الأعداد الرومانية قائمة، وبعد قرن من ذلك التاريخ نشبت معركة بين الأباكوسيين أي العموديين والخوارزميين الذين كانوا في تلك الفترة قد تدربوا على طريقة الحساب الجديدة وهي (٢ في ٥)، وقد انتهت هذه المعركة بفضل العموديين.

لكن كيف فات «جربرت» عند دراسته على الحدود الأسبانية إدراك الإشارة العددية العاشرة أعني «صفر»؟

والواقع أن الصفر لم يكن في عصره معروفًا في غرب العالم الإسلامي فالأندلسيون كانوا يكتبون أعدادًا مركبة من أكثر من أحاد، وذلك بوضع نقطة أو أكثر على العدد الدال على الآحاد أو العشرات أو المئات وهلمَّ جرًا، وبهذه الطريقة فقط كانوا يتغلبون على الصفر، وعندما تعلموا عن العرب الشرقيين طريقة الخانات أضافوا إليها الصفر، أعني أضافوه إلى طريقتهم القديمة التي كانوا يستخدمونها.

أما كتابتهم الصفرية فإننا نعلم أن الإشارات العددية التي أخذها «جربرت» عن

<<  <   >  >>