للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فأول مدرسة أوروبية هي تلك التي تتمثل في «جربرت» معلم مدرسة «ريمس» والأستاذ البابوي للرياضة، فهو من هذه الناحية يشبه تمامًا «سيفيروس سابوخت» وهو فيما يعتقد أول من نقل إلى العرب الإشارات الحسابية الهندية التسع، إذ كان إلى جانب وظيفته اللاهوتية رئيسًا لمدرسة الدير الواقعة على الفرات. ويتفق «جربرت» مع «سفيروس» في أن كلا منهما كان يجهل الإشارة الدالة على الصفر.

ويتفق الأوربيون مع العرب في الاستعانة بكتاب في الحساب يعني بتعليم الأعداد الجديدة وشرحها؛ ففي عام ٧٧٦ م أي بعد «سيفيروس» بنحو ١١٤ سنة نجد في الشرق العربي كتاب «سيد هنتا» للمؤلف الهندي «براهما جوبتا» وقد ترجم هذا الكتاب إلى العربية مشتملًا على الإشارات العشر كاملة، وكان يسير على نهج العلماء العرب حتى حكم الخليفة المأمون. وإذا تركنا العرب إلى أوربا وجدنا بعد وفاة «جربرت» بنحو قرن تراجم لاتينية لكتاب الخوارزمي في الحساب، وقد انتقل هذا الكتاب إلى الغرب عن طريق إسبانيا فقامت في أوربا مدرسة علمية جديدة تهتم بدراسة علم الحساب الجديد بأعداده التسعة والصفر، وتعرف هذه المدرسة باسم مدرسة الخوارزميين.

حقًا إن هذا العلم الجديد شق طريقه إلى العالم العربي وتخطى حدود الفلكيين والرياضيين، لكن كانت معرفته محصورة في الأوساط العلمية، وظل كذلك حتى ظهر العالم الفذ الذي نجح في نقله إلى الشعب في أسلوب سهل مبسط وفي لغة تساير الحياة اليومية وحاجات الشعب الاقتصادية، وهذا العالم هو الخوارزمي الذي كان يعيش في عصر المأمون، وقد كان لأوربا «براهما جوبتا» العرب.

كذلك الحال في أوربا فإن فن كتابة الأعداد قد جاءها من وراء جدران الدير، ومن ثم انتشر بين الأهالي، وقد جاءتنا وثيقة مكتوبة تؤيد هذا القول وهي عبارة عن قصيدة شعرية في اللغة الألمانية القديمة لمؤلفها «توماسين فون زركلير» وهو رئيس كاتدرائية «إكويليا» الواقعة في «فينتين»، وكان يحب الألمان كثيرًا وقد أعجب بأخلاقهم، فوضع لأمرائهم وفرسانهم كتابا فلسفيا أخلاقيا في لغة الشعر الألمانية وأهدى كتابه هذا إلى الأمة الألمانية.

<<  <   >  >>