للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثم نجد العرب وقد تأثروا بالعلوم الهندية واليوناينة مثل دراستهم لكتاب «سيدهنتا» للمؤلف الهندي «براهما جوبتا» الماجسط لبطليموس ينشطون في قصور الخلفاء المنصور وهارون الرشيد والمأمون ويهتمون اهتماما خاصا بالدراسات الفلكية مستعينين بخبرتهم القديمة التي توارثوها منذ زمن بعيد، فأخذوا بيد هذا العلم حتى جعلوا من الفلك علما عالميا، وأصبح العرب بفضل نشاطهم واجتهادهم أساتذة العالم وقادته.

لقد توفي موسى وترك ثلاثة أولاد في سن الطفولة، وقد وصل المأمون، عندما كان يقود حملة عسكرية في آسيا الصغرى، خبر وفاة موسى فسارع وطلب إلى حاكم بغداد الاهتمام بهؤلاء الأطفال والعناية بهم، وبلغ اهتمام الخليفة حدا أنه ما أرسل رسالة إلى بغداد إلا وسأل عنهم.

وكان الخليفة المأمون يتحدث ساخرًا دائمًا من أنه مربي أولاد موسى ثم أسلمهم إلى يحيى بن أبي منصور لتربيتهم، وكان يحيى هذا فلكي الخليفة ومدير بيت الحكمة الذي أسسه المأمون للعناية بالعلوم المختلفة، كما زوده بمكتبة غنية بسائر المؤلفات ومنها كتاب الخوارزمي المختار من «سيدهنتا» وجداول بطليموس الفلكية التي نقحها الخوارزمي، وكذلك كتبه في الحساب التي ظلت المرجع الأول والأهم في أوربا حتى عصر إحياء العلوم، وكذلك كتبه في الجبر. وهنا في دار الحكمة نبع العلوم والمعارف وحيث مختلف المراجع التي تربو على الآلاف وكذلك الأجهزة النادرة ومختلف الندوات العلمية في شتى العلوم والفنون، نشأ وترعرع أولئك الأطفال الموهوبون أنجال الفلكي ولص الصحراء موسى بن شاكر، ومن حسن حظهم أن بعد وفاة والدهم انتقلوا إلى رعاية خليفة المسلمين وأمير المؤمنين نور الحكمة ومصدر الإشعاع.

ومن حسن طالع أولئك الإخوة أن أكبرهم وهو محمد بن موسى أصبح أشهر الجميع علمًا وسياسة، فنال ثقة الخليفة فورث المكانة التي تولاها أبوه من قبل وأكرم المأمون علماء الفلك فشيد لهم مرصدًا عظيمًا فوق أعلى مكان في بغداد عند

<<  <   >  >>