للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وآخر من جاء به شاعرنا (ويقصد به المتنبي)؛ فقال:

نحن ركب ملجن في زي ناس ... فوق طير لها شخوص الجمال

فجعل كونهم جنا أصلاً، وجعل كونهم ناساً فرعاً، وجعل كون مطاياه طيراً، أصلا "وكونها جمالاً فرعاً، فشبه الحقيقة بالمجاز في المعنى الذي أفاد المجاز من الحقيقة ما أفاد.

وهذا المعنى هو الذي قصده ابن جنى في بداية هذا الباب من أن العرب إذا شبهت مكنت الشبه بين المشبه، والمشبه به، بإعطاء المشبه به شيئاً من المشبه ثم قال ابن جنى: وعلى نحو من هذا قالوا للناقة. (جمالية) لأنهم. شبهوها بالجمل في شدته، وعلو خلقه، قال الأعشى:

جمالية تغتلي بالرداف ... إذا كذب الآثمات الهجيرا

وقال الراعي:

على جمالية، كالفحل هملاج

وهو كثير، فلما شاع ذلك واطرد، صار كأنه أصل في بابه، حتى عادوا، فشبهوا الجمل بالناقة في ذلك، فقال:

وقربوا، كل جمالي عضه ... قريبة ندوته من محمضه

فهذا من حملهم الأصل على الفرع، فيما كان الفرع أفاد من الأصل" (١).


(١) الخصائص ١/ ٣٠٠ - ٣٠٣
(٨ - الخصائص)

<<  <   >  >>