للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لنا أن نَتَهَيَّبَ؟ لا يَجُوزُ أبدًا، بل الهيبةُ أن نخالفَ، أَثْبِتِ اليدَ ولا تُبَالِ.

أَثْبَتَ رَبُّكَ لنفْسِه وَجْهَه، فلا تَتَهَيَّبْ من إثباتِ الوجْهِ، فالتهيُّبُ حقيقةٌ من نفيِ الوجْهِ، أما ما أَثْبَتُه اللهُ فيجبُ أن نُثْبِتَه لكن على هذه القاعدةِ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: ١١]، فنقولُ: للهِ وجهٌ وليس كوجهِ المخلوقِ يقينًا.

فإن قال قائلٌ: ما دليلُك؟ ولماذا لا تَحْمِلُ الوجهَ على وجهٍ معروفٍ؟

فالجوابُ: دليلي: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}.

أَثْبَتَ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أنه يأتي يومَ القيامةِ {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [الفجرِ: ٢٢] أَتَتَهَيَّبُ أن تَصِفَ اللهُ بالمجيءِ؟ لا نَتَهَيَّبُ، نقولُ: نَصِفُ اللهَ بالمجيءِ لكن هل هو كمجيءِ المَلِكِ على فَرَسٍ، أو سَيَّارةٍ، أو ما أَشْبَهَ ذلك؟

الجواب: لا، يقينًا ليس كذلك، لكنه مجيءٌ يليقُ بجلالِهِ.

أَثْبَتَ اللهُ لنفْسِه أنه استوى على العرشِ في عِدَّةِ مواضعَ من القرآنِ تَبْلُغُ سبعًا بهذا اللفظِ {اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} هل تَتَهَيَّبُ أن تُثْبِتَ ذلك للهِ؟ لا، بل هو مستوٍ حقيقةً، أَتهَيَّبُ أن أقولَ: {اسْتَوَى} بمعنى استولى؛ لأنَّ {اسْتَوَى} بمعنى استولى تحريفٌ للكَلِمِ عن مواضِعِه، لكنني أؤمنُ إيمانًا لا شكَّ فيه أن هذا الإستواءَ لا يُمَاثِلُ استواءَ المخلوقين في أيِّ حالٍ من الأحوالِ، استوائي على الفلك، أو على البعير لو أُزيلَ ما استويتُ عليه لسقطْتُ لا شكَّ، لكن استواءَ اللهِ على العرشِ ليس كذلك، ليس استواءَ احتياجٍ. أعني استواءُ اللهِ على العرشِ ليس استواءَ احتياجٍ إلى العرشِ؛ لأنَّ اللهَ غنيٌّ عن العرشِ وعن غيرِهِ، لكنه استواءُ عظمةٍ وسلطانٍ.

حَقِّقُوا العقيدةَ، لا تَغُرَّكُم الأوهامُ، وما ذنبُ الإنسانِ إذا قال: أنا أؤمنُ بكلِّ

<<  <   >  >>