قولُهُ:{لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ} يعني: أنه لا يَضُرُّنُا عملُكُم، ولا يَضُرُّكُم عملُنا، فإذنْ: لا تتعلقوا بنا، ولا نتعلَّقُ بكم؛ كلٌّ له عَمَلُه. قال المُفسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ:[فكلٌّ يُجَازى بعمَلِه].
وقوله:{لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ}، كيف لا حُجَّةَ بَيْنَنا وبَيْنكم ولدينا الحجَّةُ عليهم؟
الجواب: قال المفسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{لَا حُجَّةَ} خصومةٌ] بأن أَعْدِلَ {بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ} ... ] إلخ، والصوابُ عدمُ تقديرِ: بأن أَعْدِلَ؛ لأنَّه لا داعيَ له، بل المعنى لا حُجَّةَ قائمةٌ على وجهِ الخصومةِ بيننا وبينكم؛ لأننا قد أَيِسْنا منكم، ولن تنفعَ فيكم المُحاجَّةُ.
وقوله:{اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا} قال المُفسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [هذا قبلَ أن يُؤْمَرَ بالجهادِ] وبعد أن أُمِرَ بالجهادِ، صار لهم أعمالُنا ولنا أعمالهُم، وحين شُرِعَ الجهادُ لا تَبْطُلُ المحاجَّةُ.
ولهذا نقولُ للمؤلِّفِ رَحِمَهُ اللَّهُ: عفا اللهُ عنك! أولًا: أَثْبِتْ لنا أنَّ هذه الآيةَ قبل الأمرِ بالجِهادِ، فإذا قال هذه الآيةُ مَكِّيَّةٌ والجِهادُ إنما أُمِرَ به في المدينةِ، نقولُ: أَثْبَتَّ لنا أنه لمَّا أُمِرَ بالجِهادِ بَطَلَتْ هذه البراءةُ، لا يستطيعُ أن يُثَبْتِ ذلك.
واللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إنما يتحدَّث في هذا عن حالِ المشركين، والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ أَظْهُرِهِم في مكَّةَ، وهذا أصلًا لا جهادَ فيه، حتى نقولَ: إن هذا من بابِ النَّسْخِ.
قال المُفسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا} في المعادِ، لفصلِ القضاءِ، {وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ} المَرْجِعُ]، والجملةُ {وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ} فيها حصرٌ طريقُهُ تقديمُ ما حقُّهُ التأخيرُ.