للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ: أن من أرادَ بعمَلِه الدُّنْيا فإنه لا نَصِيبَ له في الآخرةِ، ولكن هل نَفْيُ النَّصيبِ هنا نفيٌ كاملٌ، أو ليس له نَصيبٌ في الآخرةِ بهذا العملِ الذي أراد به الدنُّيْا؟ الجوابُ: الثاني بلا شكٍّ، اللهمَّ إلا أن يكون هذا العملُ والإرادةُ مما يُخْرِجُ عن الدِّينِ فإنه لا نَصِيبَ له مطلقًا.

وهل لو أرادَ الإنسانُ بدراسَتِه أن ينالَ الإجازةَ - يعني: الشهادةَ - هل يكونُ ممن أرادَ حَرْثَ الدُّنْيا أو الآخرةِ؟

الجوابُ: حَسَبَ ما في قَلْبِه، إنْ كان أراد بالشهادةِ أن يرتقيَ إلى مَنْصِبٍ دُنْيَوِيٍّ فقد أراد الدُّنْيا، وإن أراد بذلك أن يرتقيَ إلى مَنْصِبٍ يتمكَّنُ به من نفعِ المسلمين بالتدريسِ أو بالتربيةِ فهذا أراد الآخرةَ لا شكَّ، ولذلك ما بين الدُّنْيا والآخرةِ في هذه المسألةِ إلا شَعْرَةٌ أو أقلُّ، هل أنت تريدُ بالشهادةِ أن تقولَ أنت في المرتبةِ الخامسةِ أو العاشرةِ أو المئةِ أو المئتين أو الألفِ أو الألفين، أو تريدُ بذلك أن تتبوَّأَ مكانًا تنفعُ به الناسَ؟ الأولُ خاسرٌ، والثاني رابحٌ؛ لأننا مع الأسفِ الآن أصبحنا لا يُقَدَّرُ الإنسانُ إلا بما معه من البطاقةِ، العلمُ هو ورقةٌ، شهادةُ دكتوراه رَقْمُ أَلْفٍ إذا تَعَدَّيْتَ إياه أين نُوَظِّفُكَ؟ أيَّ مكانٍ تريدُ؟ لكن يأتي رجلٌ في العِلْمِ مثل شيخِ الإسلامِ ابْنِ تيميَّةَ رَحِمَهُ اللَّهُ، ثم يقولُ بعضهم: وظِّفْه في مدرسةٍ ابتدائيَّةٍ. فيقال: لا شهادةَ مَعَه لا نُوَظِّفُه.

فصار الآن ميزانُ عِلْمِ الناسِ بهذه البطاقةِ، فإذا كان الناسُ نَزَلُوا إلى هذا المستوى أنا أجاريهم ونِيَّتِي عند اللهِ معلومةٌ، وقصدي أن أتبوَّأَ مكانًا في الأمَّةِ، أكُونُ مدرِّسًا، قاضيًا، رئيسًا لشيءٍ فأُوَجِّهَ الناسَ.

* * *

<<  <   >  >>