للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أن ما سوى الأمورِ الدينيَّةِ فإنه خاضعٌ للأمورِ العاديَّةِ أو للأحوالِ العاديَّةِ؛ لقولِهِ: {شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ}، وعلى هذا لو شَرَعُوا قوانينَ ونُظُمًا لا علاقةَ لها بالدِّينِ؛ فإن ذلك جائزٌ، ولا تُعَدُّ موافقةُ هذه النظمِ شرْكًا. فكيف إذا كانت هذه النظمُ تؤيَّدُ بالقواعدِ العامةِ، وهي جلبُ المصالحِ ودفعُ المفاسِدِ.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: الرَّدُّ على أولئك القومِ الجهلةِ الذين ينكرون كلَّ نظامٍ تسُنُّهُ الحكوماتُ، بقطعِ النظرِ عن كونِهِ أمرًا دينيًّا أو أمرًا دنيويًّا، وبقطعِ النظرِ عن كونِه موافقًا للشرعِ أم غيرَ موافقٍ للشرعِ؛ لأنَّ بعضَ الناسِ مثلًا يقولُ: أنا لا أتقيَّدُ بأنظمةِ المرورِ؛ لأنَّه لا دليلَ فيها، وربما يقولُ: هذه بدعةٌ. فيقال له:

أولًا: الأمورُ الدنيويةُ الأصلُ فيها الحِلُّ، ولا يُبَدَّعُ من أتى بها خارجًا عن العادةِ، لكن يُنْظَرُ هل هي حلالٌ أم حرامٌ.

ثانيًا: أن النصوصَ تدُلُّ على وجوبِ طاعةِ ولاةِ الأمرِ؛ كقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساءِ: ٥٩]. وقولُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وسلَّمَ في الأميرِ: "اسمعْ وأطِعْ ولو أَخَذَ مَالَكَ وضَرَبَ ظَهْرَكَ" (١).

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: حكمةُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بتعجيلِ أو تأخيرِ العذابِ؛ لقولِهِ: {وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ} [يونس: ١٩].

الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: أن ما قضاه اللهُ أزلًا لا يتغيَّرُ يعني في الماضي لا يتغيَّرُ؛ لقولِهِ: {وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ}.


(١) أخرجه مسلم: كتاب الإمارة، باب الأمر بلزوم الجماعة عند ظهور الفتن، رقم (١٨٤٧/ ٥٢)، من حديث حذيفة - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>