للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لكن يكونُ مكتوبًا عند اللهِ أنه واصلٌ، وأن عُمْرَه إلى كذا، لكن هل الإنسانُ يَعْلَمُ بأنه مكتوبٌ عند اللهِ هكذا؟ لا يَعْلَمُ. فأراد النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وسلَّمَ أن يحثَّ الإنسانَ على صلةِ الرحمِ بمثلِ هذا الوعدِ.

الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: إثباتُ الأسبابِ؛ لقولِهِ: {وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ}. فالكلمةُ السببُ بتأخيرِ العذابِ، وإثباتُ الأسبابِ أمرٌ لا يُنكره إلا الجاحدُ. واعلمْ أن الناسَ انقسموا في الأسبابِ إلى ثلاثةِ أقسامٍ:

قسمٍ أنكروا الأسبابَ نهائيًّا، وقالوا: لا تأثيرَ للسببِ في المسبَّبِ.

وقسمٍ أثبتوا الأسبابَ على وجه الغلوِّ وزعموا أنها - أي: الأسبابُ - موجِبةٌ ولا بدَّ.

والقسمُ الثالثُ: أثبتوا الأسبابَ ولكنهم جعلوا ذلك تابعًا لمشيئةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ. وهذا القولُ هو المتعيِّنُ أننا لا ننكرُ الأسبابَ، وكيف ننكرُها ونحن نشاهدُ هذا بأعيُنِنا؟ هم يقولون: إن ما يحصلُ بالسببِ ليس حاصلًا به لكنه حاصلٌ عنده، فمثلًا: إذا رميْتَ بحجرٍ على زجاجةٍ ثم انكسرت يقولون: إن الذي كسرها ليس الحجرَ لكن كسرتْها إرادةُ اللهِ عند ملامسةِ الحجرِ، إذن حَصَلَتْ عند السببِ لا بالسَّبَبِ.

وأيضًا عندما تدخلُ ورقةٌ في النارِ تحترقُ يقولُ: النارُ لم تحرقْها، أحرقتْها إرادةُ اللهِ عند ملامسةِ النارِ. هذا كلامٌ غير معقولٍ يضحكُ منه السفهاءُ قبل الحكماءِ، كيف نقولُ ونحن نشاهدُ أن الحجرَ يقعُ على الزجاجةِ يكسِرُها، كيف نقولُ لم يكسِرْها، الإنسانُ لو اتكأ على الزجاجةِ لقال له من عنده لا تتكئْ فتنكسرَ.

وأما القولُ الثاني الغالي في إثباتِ الأسبابِ، والذين يقولون إن الأسبابَ

<<  <   >  >>