للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهو قدحٌ في الرسولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ "أن يَجْعَلَ أصدقَ الخلقِ في مقامِ المُفْتَرِي على اللهِ، والإفتراءُ على اللهِ أشدُّ من الإفتراءِ على غيْرِه، ولهذا قال عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا} [العنكبوتَ: ٦٨].

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: إثباتُ المشيئةِ للهِ عَزَّ وَجَلَّ، يُؤْخَذُ ذلك من قولِهِ: {فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ} وهل مشيئةُ اللهِ مجرَّدةٌ عن الحكمةِ أو لا يشاءُ شيئًا إلا لحكمةٍ؟ الجوابُ: الثاني؛ لقولِ اللهِ تعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} [الإنسان: ٣٠]، فَبَيَّنَ أنه عَزَّ وَجَلَّ له مشيئةٌ تامَّةٌ، وأردف ذلك بقولِهِ: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} ليتبيَّنَ أن مشيئةَ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ليست مجرَّدَ مشيئةٍ عبثًا ولكن لحكمةٍ.

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - مربوبٌ للهِ يَفْعَلُ به ما شاء، يُؤْخَذُ ذلك من قولِهِ: {فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ}.

الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: أن القلبَ محلُّ الإدراكِ والعقلِ والتصرُّفِ؛ لقولِهِ: {يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ} فدلَّ هذا على أن مدارَ التصرُّفِ كُلِّه على القلبِ.

الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: أن الطبعَ على القلبِ عقوبةٌ، سواءٌ كان طبعًا على العِلْمِ، أو طبعًا على القصْدِ والإرادةِ، فإنه عقوبةٌ بلا شكٍّ؛ ولهذا كان من دعاءِ النبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "اللهمَّ مُقَلِّبَ القلوب ثَبِّتْ قلوبَنا على طاعَتِكَ" (١)، "اللهمَّ مُصَرِّفَ القلوب صَرِّفْ قلوبَنَا إلى طاعتِكَ" (٢).


(١) أخرجه الإمام أحمد (٤/ ١٨٢)، وابن ماجه: كتاب المقدمة، باب فيما أنكرت الجهمية، رقم (١٩٩)، والنسائي في الكبرى رقم (٧٧٣٨)، من حديث النواس بن سمعان - رضي الله عنه -، بلفظ: "ثبت قلوبنا على دينك".
(٢) أخرجه مسلم: كتاب القدر، باب تصريف الله تعالى القلوب كيف شاء، رقم (٢٦٥٤)، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما -.

<<  <   >  >>