للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالإنسانُ يجبُ ألا يعتمدَ على ما في قلبِهِ من اليقينِ؛ فإن هذا ربما يزولُ، بل عليه أن يسألَ اللهَ دائمًا التثبيتَ، يُؤْخَذُ من قولِهِ: {فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ}.

الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ: حُسْنُ أدلةِ القرآنِ الكريمِ؛ حيث استدلَّ بأمرٍ واضحٍ على ما زعمه هؤلاء، وهو أنه لو شاء اللهُ أن يفتريَ الرسولُ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وسلَّمَ على اللهِ كذبًا لختم على قلبِهِ، وأنساه ما عنده، ثم محا اللهُ الباطلَ الذي افتراه ثم أحقَّ الحقَّ بكلماتِه.

الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ: أن اللهَ تعالى لا يُقِرُّ على باطلٍ، يمحو اللهُ الباطلَ، فلا يُمْكِنُ أن يُقِرَّ اللهُ تعالى على باطلٍ.

ويتفرَّعُ على هذه الفائدةِ فائدةٌ عظيمةٌ: وهي ما فُعِلَ في عَهْدِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وسلَّمَ ولم يُعْلَمْ أن النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وسلَّمَ اطَّلَعَ عليه، فهل نَحْكُمُ بجوازِه؛ لأنَّ اللهَ اطَّلَعَ عليه وسَكَتَ عنه، أو لا نَحْكُمُ به حتى نَعْلَمَ أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - علمه؟

الجوابُ: الأولُ؛ لأنَ اللهَ تعالى لا يُقِرُّ على باطلٍ، والوحيُ ما زال يَنْزِلُ، ولهذا يخطئُ بعضُ العلماءِ رَحِمَهُم اللَّهُ إذا استدلَّ بما وقع في عهدِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، يقولون: إن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لم يَعْلَمْ. فنقولُ: هبْ أنه لم يَعْلَمْ، فإن اللهَ قد عَلِمَ.

مثالُ ذلك: قال بعضُ أهلِ العلمِ: إنه لا يصحُّ أن يكونَ الإمامُ متنفلًا والمأمومُ مفترضًا؛ يعني: لا يصحُّ أن يصليَّ الفجرَ خلفَ من يصلِّي النافلةَ، هذا هو المذهبُ عندنا، فقيل لهم: هذا قولٌ مردودٌ؛ لأنَّ معاذَ بنَ جبلٍ كان يصلِّي صلاةَ العشاءِ مع النبيِّ صلى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وسلَّمَ، ثم يذهبُ إلى قومِه فيصلِّي بهم تلك الصلاةَ،

<<  <   >  >>