للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القيامةِ من سَبْعِ أَرَضِين"؛ لأنَّها لو كانتِ الأقاليمَ أو القارَّاتِ لكان الذي يَمْلِكُ قطعةً من الأرض هنا لا يَمْلِكُها في المكانِ الآخرِ، لكن الذي يَمْلِكُ قطعةً هنا له ما يَمْلِكُه على سطحِ الأرضِ، وله ما تحته إلى الأرضِ السابعةِ.

ولهذا قال العلماءُ: الهواءُ تابعٌ للقرارِ، والأسفلُ تابعٌ للأعلى.

مثلًا: أنا لي بيتٌ مساحتُهُ عَشَرَةُ أمتارٍ في عَشَرَةِ أمتارٍ، لي في الجوِّ - في السماءِ - عشرةُ أمتارٍ في عشرةِ أمتارٍ، فلا أَحَدَ يَقْدِرُ يَطْلُعُ شيئًا على ما يقابلُ أرضي ولو كان بعيدًا جدًّا، وليس للطائرةِ أن تمرَّ على أرضي، لو شِئْنا لمنعناها، هذه أرضي تَلُفُّ يمينًا أو يسارًا؛ لأنَّ الهواءَ تابعٌ للقرارِ.

لكن مسألةَ الطائرةِ قد يقولُ قائلٌ: إنَّ العُرْفَ جرى بأنها لا تُمْنَعُ؛ ولهذا تمرُّ من عندِ البلدِ من فوقِ البيوتِ وربما تُزْعِجُ الناسَ بأصواتِها ولا أحدَ يَمْنَعُهَا، ولو أنَّ أحدًا قال: أمنعُها من أن تمرَّ من فوق بيتي لَعُدَّ سَفَهًا، فالعُرْفُ له أحكامٌ.

وقلنا: من مَلَكَ الأعلى مَلَكَ الأسفلَ، فمثلًا قعرُ الأرضِ لي؛ ولهذا لو أراد الإنسانُ أن يفتح نفقًا تحت أرضي فلي أن أمنعَه؛ لأنَّ الهواءَ الأسفل تابعٌ للأرضِ.

فإن قال قائلٌ: إذا قلنا: الهواءُ تابعٌ للقرارِ والأسفلُ تابعٌ للأعلى يُوجدُ مساجدُ الآن أعلاها مسجدٌ وأسفلها دكاكينُ؟

فالجوابُ: هذا إشكالٌ جيِّدٌ، وهذا في أَصْل وضعِ الإنسانِ لها أنه وَضَعَ هذه دكاكينَ وهذا مسجدًا، كما أنه يُوجَدُ الآن بعضُ العمارات يكون أسفَلَها مملوكٌ لزيدٍ، والذي فَوْقَه لعمرٍو، والذي فَوْقَه لخالدٍ، هذه موجودةٌ، لكن إذا كانتِ الأرضُ التي تحته لا يَمْلِكُها أحدٌ فهي له؛ لأنَّ العماراتِ هذه على حَسَبِ ما صَرفَهَا مالكُها، إذا جعل هذه الجهة مسجدًا صارت مسجدًا، وإذا جعل هذه مساكن صارتْ مساكن.

<<  <   >  >>