للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أما لو كان هذا مسجدًا مثلَ المسجدِ الذي نحن فيه الآنَ، لو أرادَ أحدٌ أن يُعَمِّرَ فيه شيئًا قلنا: لا يَجُوزُ.

المهمُّ: السَّمواتُ سبعٌ، والأرَضون سبعٌ.

فائدة: الظاهرُ - واللهُ أَعْلَمُ - أنَّ الأرضَ التي يَنْتَفِعُ بها الخَلْقُ فيكونُ لهم فيها مصلحةٌ - والمرادُ الأنس - هي أرضٌ واحدةٌ، هذا الظاهرُ، واللهُ أعلمُ.

قال المُفسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ} على خَلْقِه {الْعَظِيمُ} الكبير]، {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} قَرَنَ اللهُ بينهما في هذه وفي آيةِ الكرسيِّ.

{الْعَلِيُّ} وزنُها الصرفيُّ: فَعِيلٌ، صفةٌ مُشبَّهةٌ، والصفةُ المُشَبَّهَةُ تقتضي وصفَ الموصوفِ بها دائمًا، إذن {الْعَلِيُّ} وصفٌ لازمٌ للهِ عَزَّ وَجَلَّ أزلًا وأبدًا، لا يُمْكِنُ أن يكونَ خلافَ العلوِّ أبدًا، فالعلوُّ إذن صفةٌ ذاتيَّةٌ.

فهل العُلُوُّ هو علوُّ الصفةِ الذي اتفقتْ عليه الأمَّةُ الإسلاميَّةُ، أو هو عُلُوُ الذاتِ الذي أَنْكَرَهُ مَنْ أَنْكَرَهُ؟

فالجوابُ: كلاهما، عُلُوُّ الذَّاتِ وعُلُوُّ الصِّفَةِ، أمَّا علوُّ الصفةِ فإن المسلمين كلَّهُم أجمعوا على ذلك حتى الجهميَّةُ والمعتزلةُ والأشعريَّةُ والماتريديَّةُ وغيرُهُم كُلُّهُم أجمعوا على ثبوتِ صفةِ العُلُوِّ للهِ عَزَّ وجَلَّ؛ ولهذا أقولُ لكم: المُعَطِّلَةُ الذين يُنكرون الصِّفاتِ قالوا: لأننا نُنَزِّهُ اللهَ؛ لأنَّ ثبوتَ هذه الصفاتِ يستلزمُ على زعمِهم النقصُ فَيَنْفُونَهَا تنزيهًا للهِ عَزَّ وجَلَّ، إذن العُلُوُّ الذي هو عُلُوُّ الصِّفَةِ ثابتٌ للهِ بإجماعِ الأمَّةِ، ولا يُنكرُه أحدٌ.

أما عُلُوُّ الذَّاتِ هذا هو الذي اختلف فيه الناسُ، فانقسموا إلى ثلاثةِ أقسامٍ رئيسيَّةٍ:

<<  <   >  >>