للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تخْرُجَ الشمسُ من مَغْرِبِها" (١).

أما الخاصُّ فهو حضورُ الأجَلِ، فإنه إذا حضر الموتُ لم تُقْبَلِ التوبةُ؛ لقول اللهِ تعالى: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ} [النساءِ: ١٨].

الشاهدُ قولُهُ: {حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ} وهذا الشرطُ يستلزمُ أن تكونَ التوبةُ على الفورِ بدونِ تأخيرٍ، وجْهُ ذلك: أنه لا يَعْلَمُ متى يأتيه الموتُ، فقد يموتُ بَغْتَةً على فراشِهِ، أو على كرْسِيِّه أو وهو ساجدٌ أو راكعٌ، وحينئذٍ يتبيَّنُ أن التوبةَ واجبةٌ على الفورِ، فاستدركْ نَفْسَك أيها العبْدُ، إن كان في أمرٍ بينك وبين اللهِ، أو بينك وبين الخَلْقِ؛ لأنك لا تدري متى يأتي الموتُ.

الخلاصةُ: شروطُ قَبُولِ التوبةِ خمسةٌ: أولًا: الإخلاصُ للهِ عَزَّ وَجَلَّ، ثانيًا: الندمُ على الذنبِ، ثالثًا: الإقلاعُ في الحالِ، رابعًا: العزمُ على ألا يعودَ، خامسًا: أن تكونَ التوبةُ في زمنِ الإمكانِ. نسألُ اللهَ لنا ولكم التوبَةَ.

وقولُهُ: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ} قال المُفسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [منهم] فَصَرَفَ معنى (عن) إلى معنى (من)، وهذا مبنيٌّ على ما سبق من أن حروفَ المعاني تتناوبُ؛ أي: ينوبُ بعضُها عن بعضٍ، ولكن إبقاءَ اللفظِ على ظاهِرِه أَوْلى، ويكون {يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ} مضمنًا معنى يعفو عنه، فيقبلُ التوبةَ عن عبادِهِ؛ أي: يَقْبَلُها ويعفو عنهم. ونجعل (عن) على بابِها، ويكونُ قولُهُ: {وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ} كالتوكيدِ لما سبق، يقبلُ التوبةَ عن عبادِهِ.


(١) أخرجه الإمام أحمد (٤/ ٩٩)، وأبو داود: كتاب الجهاد، باب في الهجرة هل انقطعت؟ ، رقم (٢٤٧٩)، والنسائي في الكبرى رقم (٨٦٥٨)، من حديث معاوية - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>