للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقولُنا: أن يكون خالصًا لله احترازٌ من العملِ الذي يقعُ فيه الشركُ فليس بصالحٍ، وإن قلَّ الشركُ؛ لقولِهِ تعالى في الحديث القدسيِّ: "أنا أغنى الشركاءِ عن الشركِ من عَمِلَ عملًا أَشْرَكَ فيه معي غيري تركْتُه وشِرْكَه" (١).

وعلى وَفْقِ الشريعةِ أن يكون خاليًا من البدعةِ، فإن كان فيه بدعةٌ لم يكن صالحًا، حتى لو كانت أجزاءُ هذه البدعةِ عملًا صالحًا، فإنها إذا كانت بدعةً لا تكونُ عملًا صالحًا؛ يعني: لو أن أحدًا أَحْدَثَ أذكارًا من القرآنِ أو من السُّنَّةِ، لكن على صفةٍ لم تأتِ بها الشريعةُ، فإنها ليست عملًا صالحًا، ولا يكونُ العملُ صالحًا إلا إذا وافقَ الشريعةَ في أمورٍ ستةٍ: السببِ، والقَدْرِ، والكيفيَّةِ، والنَّوْعِ، والزمانِ، والمكانِ. لا بدَّ أن يوافقَ الشريعةَ في هذه الأشياءِ الستَّةِ:

السببُ: بأن يكونَ هذا العملُ مشروعًا لسببٍ معيَّنٍ، فلو أن إنسانًا أحدثه لسببٍ آخَرَ لم يُقْبَلْ منه، ولم يَكُنْ صالحًا.

مثالُ ذلك: نرى بعضَ الناسِ إذا قُدِّمَ إليه الطِّيبُ، يقولُ: اللهمَّ صلِّ على محمدٍ. هذا ليس عملًا صالحًا.

إذا قال قائلٌ: كيف تقولُ: ليس عملًا صالحًا وهو صلاةٌ على الرسولِ؟

قلنا: لأنه ليس من هديِ الرسولِ - صلى الله عليه وسلم - أنه كلما تَطَيَّبَ صلى على النبيِّ، ولا أَمَرَ أُمَّتَهُ بذلك، إذن فأنت الآن أَثْبَتَّ سببًا غيرَ شَرْعِيٍّ.

ومن ذلك أن بعضَ الناسِ إذا تجشَّأ - وهو خروجُ الريحِ من فوقُ - قال: الحمدُ للهِ. نقولُ: من قال لك إنه يشرعُ عند التجشؤِ أن تَحْمَدَ اللهَ؟ إذن عملُك غيرُ


(١) أخرجه مسلم: كتاب الزهد، باب من أشرك في عمله غير الله، رقم (٢٩٨٥)، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>