للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صالحٍ؛ لأنَّه غيرُ مطابقٍ للشريعةِ، ونقولُ: يلزمُ على قولِك أنك إذا فَسَوْتَ أن تحمدَ اللهَ، ولا دليلَ على هذا.

والثاني: بأن يكونَ من جنسِ ما جاءتْ به الشريعةُ، فإن خرج عن ذلك لم يكن عملًا صالحًا، مثالُه: لو أن أحدًا ضحَّى بفرسٍ فالفرسُ أغلى من الشاةِ غالبًا، فإن الأضحيةَ لا تُقْبَلُ؛ لأنه ليس من جنسِ المشروعِ التضحيةُ به، إذ إن التضحيةَ لا تكونُ إلا من بهيمةِ الأنعامِ: الإبلِ والبقرِ والغنمِ، كما قال تعالى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} [الحجِّ: ٢٨].

الثالثُ: أن يكونَ مطابقًا للشريعةِ في قَدْرِه فلا يزيدُ على ما جاءت به الشريعةُ؛ ولهذا لو أن إنسانًا زاد في الصلاةِ ركعةً لم يكن عملًا صالحًا، حتى وإن كانت صلاتُهُ في الأصلِ مشروعةً، لكنها في هذا الحالِ ليست مشروعةً.

فإن قال قائلٌ: ماذا تقولون لو أن الإنسانَ زاد في صلاةِ الليلِ على إحدى عشرة ركعةً، هل تكونُ الزيادةُ عملًا صالحًا؟

إذا قلتُ: نعم، أَشْكَلَ علينا أننا قلنا: لا بدَّ أن تطابق الشريعةَ في قَدْرِها. أعني: العبادةَ، ومعلومٌ أن النبيَّ - صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وسلَّمَ - كان لا يزيدُ في رمضان ولا غيرِهِ على إحدى عشرة ركعةً (١)، وربما صلى ثلاثَ عشرةَ ركعةً (٢).

فالجوابُ: أن صلاةَ الليلِ لم يردْ فيها تحديدٌ عن - صلَّى اللهُ عليه وعلى آلهِ وسلَّمَ -


(١) أخرجه البخاري: كتاب التهجد، باب قيام النبي - صلى الله عليه وسلم - بالليل، رقم (١١٤٧)، ومسلم: كتاب صلاة المسافرين، باب صلاة الليل، رقم (٧٣٨)، من حديث عائشة - رضي الله عنها -.
(٢) أخرجه مسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل وعدد ركعات النبي - صلى الله عليه وسلم -، رقم (٧٣٧)، من حديث عائشة - رضي الله عنهَا.

<<  <   >  >>