للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن قال قائلٌ: ما الفَرْقُ بين اليأسِ والقنوطِ؟

فالجوابُ: القنوطُ أشدُّ اليأسِ، يعني إذا ارتفعَ اليأسُ حتى لم يبقَ في الإنسانِ أيُّ أَمَلٍ فهذا قنوطٌ.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أن نزولَ المطرِ رحمةٌ؛ لقولِهِ: {وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ}، وهذا على تفسيرِ المُفسِّر أن المرادَ بالرحمةِ المطرُ، وقد ذَكَرْنَا أن الرحمةَ أعمُّ من ذلك وهو هكذا، تشملُ نزولَ المطرِ، نباتَ الأرضِ، سِمَنَ المواشي، كثرةَ التصرفاتِ والحركاتِ.

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: إثباتُ وَلايةِ الله عَزَّ وَجَلَّ لجميعِ الخَلْقِ؛ لقولِهِ: {وَهُوَ الْوَلِيُّ} ولم يُقَيَّد، واعلمْ أن ولايةَ الله تعالى نوعان:

ولايةٌ خاصَّةٌ، وولايةٌ عامَّةٌ، الولايةُ العامَّةُ: هي التي تشملُ ولايةَ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لجميعِ العبادِ مُؤْمِنِهم وكافِرِهم، بَرِّهِم وفاجِرِهم، صغيرِهِم وكبيرِهِم، ذَكَرِهِم وأنثاهم، هذه عامَّةٌ ومنها قولُهُ تعالى: {ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ} [الأنعامِ: ٦٢]، هذا من الولايةِ العامَّةِ؛ لأنَّ المرادَ بهم الكافرون.

الولايةُ الخاصَّةُ: هي التي للمؤمنين فقط، ودليلُها قولُهُ تعالى: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ} [البقرةِ: ٢٥٧]، إذن ما الفَرْقُ بين الخاصَّةِ والعامَّةِ؟

الفَرْقُ بينهما في المحلِّ ظاهرٌ، الولايةُ العامةُ تشملُ كلَّ أحدٍ، الولايةُ الخاصةُ بالمؤمنين، الفرقُ بينهما أيضًا من حيث الأثرُ أو التأثيرُ أن الولايةَ الخاصةَ تستلزمُ توفيقَ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى للعبدِ في الهدايةِ وغيرَ ذلك، والعامَّةُ لا تستلزمُ ذلك، فإن الكفارَ اللهُ وليُّهم بالمعنى العامِّ، ومع ذلك لم يَهْدِهِم؛ لأنَّ الحكمةَ تقتضي ألا يَهْدِيَهُم.

<<  <   >  >>