للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقولُ المفسِّرُ رَحِمَهُ اللهُ: [هو المؤْمنُ يصْبرُ في الشِّدَّةِ ويشكُرُ في الرَّخاءِ]، وقد يُقالُ المؤمنُ والكافرُ، لكنَّ الكافرَ يصْبِرُ ولا يَشْكُرُ، والمؤمِنُ يصْبِرُ ويشْكُرُ، يصْبِرُ في موْضعِ الصَّبْرِ ويَشْكُرُ في مَوْضِعِ الشُّكْرِ، أمَّا الكافرُ فيصْبِرُ في مَوْضِعِ الصَّبْرِ ويَتَحَمَّلُ، ولكن لا يَشْكُرُ في مَوْضِعِ الشُّكْرِ، وإنما يزدادُ بَطَرًا وأَشَرًا.

قال المفسِّرُ رَحِمَهُ اللهُ: [{أَوْ يُوبِقْهُنَّ} عَطْفٌ على {يُسْكِنِ} أي: يُغْرِقُهُنَّ بِعَصْفِ الرِّيحِ بِأَهْلِهِنَّ] هذا قِسْمٌ ثالثٌ {إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ} وإن يَشَأْ يُوبِقُهُنَّ؛ أي: يُغْرِقُهُنَّ. {بِمَا كَسَبُوا}؛ أي: بِسَبَبِ كَسْبِهم، والكسْبُ الَّذي يؤدِّي إلى العقوبةِ هو المعاصي، إمَّا بترْكِ الواجباتِ، وإمَّا بفِعْلِ المُحَرَّمَاتِ {وْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ} [الشُّورَى: ٣٤].

قوْلُه: {وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ} ليست معطوفةً على {يُسْكِنِ}؛ لأنَّه يُفْسِدُ المعنى؛ إذ يكونُ المعنى إن يشأْ يُسْكِنْ، أو يُوبِقْ، أو يَعْفُو عن كثيرٍ، وهذا فاسدٌ، ولكنَّ المعنى {يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ} الجملةُ استئنافيَّةٌ لكنَّها حُذِفَتِ الواوُ للتَّخفيفِ، المعنى أنَّ اللهَ تعالى يعفو عن كثيرٍ من الذُّنوبِ فلا يُعَاقِبُ عليها. قال المفسِّرُ رَحِمَهُ اللهُ: [{وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ} منها فلا يُغْرِقُ أَهْلَهَا].

وقوله: {وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِنَا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ} قال المفسِّرُ رَحِمَهُ اللهُ: [الرَّفْعُ مُسْتَأْنَفٌ، والنَّصْبُ معطوفٌ على تعليلٍ مُقَدَّرٍ؛ أي: يُغْرِقُهُم لِيَنْتَقِمَ منهم وَيَعْلَمَ].

أوَّلًا فيها قراءتان "وَيَعْلَمُ" {وَيَعْلَمَ} على قراءةِ الرَّفعِ الواوُ استئنافيَّةٌ تقديرُها: وهو يَعْلَمُ الَّذين يجادلونك، وعلى قراءةِ النَّصْبِ وجَّهَها المفَسِّرُ بأنها معطوفةٌ على

<<  <   >  >>