للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نَصَّ عليها بخُصُوصِها، وهذا دليلٌ على العنايةِ بها، وحُقَّ واللهِ أن يُعْتَنَى بها؛ لأنَّه ليس هناك عبادةٌ أقوى صلةً بك للهِ عَزَّ وَجَلَّ من الصَّلاةِ، الإنسانُ يَتَصَدَّقُ، لكن لا يَشْعُرُ بالصِّلةِ بينه وبين رَبِّهِ، يصُومُ، يَحُجُّ، لكن الصَّلاةَ الحقيقيَّةَ الشَّرعيَّةَ أن الإنسانَ يَشْعُرُ بأنه في صلةٍ بَيْنَه وبَيْنَ اللهِ، ومن أجْلِ ذلك سُمِّيَتْ صلاةً؛ لأنَّها صلةٌ بَيْنَ الإنسانِ وبَيْنَ اللهِ، إذا قال الإنسانُ: الحمدُ للهِ، قال اللهُ: حَمِدَني عَبْدِي؛ وهكذا محاورةً، ثم هو يَشْعُرُ بأنَّه إذا رَكَعَ ففوقه رَبٌّ يُعَظِّمُهُ، وإذا سَجَدَ فكذلك يَضَعُ أَشْرَفَ أعضائِه في مواطِئِ الأقدامِ، ولذلك صارت العنايةُ بالصَّلاةِ؛ حيث قال: {وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ}.

وفُرِضَتِ الصَّلاةُ لَيْلَةَ المعراجِ، من اللهِ إلى الرَّسولِ بدون واسطةٍ، وهذا يَدُلُّ على أهَمِّيَّتِهَا والعنايةِ بها، ثم إنَّها فُرِضَتْ خمسين صلاةً، وخَفَّفَ اللهُ على العِبادِ فَجَعَلَها خَمْسَ صلواتٍ، لكنَّها في الواقعِ خمسون صلاةً، بمعنى أنَّك إذا صَلَّيْتَ فريضةً واحدةً كأنَّما صَلَّيْتَ عَشْرًا، ليس هو من أَجْلِ أن الحسنةَ بعَشْرِ أمثالهِا؛ لأنَّ هذا لجميعِ الحسناتِ، لكن كأنَّك صَلَّيْتَ الظُّهْرَ مثلًا عَشْرَ مَرَّاتٍ، صَلَّيْتَ وسَلَّمْتَ، صَلَّيْتَ وسلَّمْتَ حتَّى بَلَغْتَ عَشْرًا، وبهذا يَظْهَرُ الفَرْقُ بينها وبين سائرِ العباداتِ في الثَّوابِ الحسنةُ بعشْرِ أمثالهِا، لكنَّ هذه كأنَّك فعلًا صَلَّيْتَ خمسين صلاةً.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: مراعاةُ الأحوالِ الإجتماعيَّةِ، وأنَّ الأمورَ العامَّةَ يجبُ التَّشاوُرُ فيها؛ لقولِهِ تعالى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} ولا تَدُلُّ الآيةُ على أنَّ الإنسانَ إذا أراد أن يَفْعَلَ فعلًا خاصًّا فيه يُشَاوِرُ، لكنَّ المشاوَرَةَ مشروعةٌ إذا أَشْكَلَ عليك شيءٌ فلديك شيئان: الإستخارةُ والمشاورةُ، لكنَّ الأمْرَ العامَّ لا بدَّ من التَّشاوُرِ فيه، يُسْتَثْنَى من ذلك إذا بان الأمْرُ لِوَلِيِّ الأمْرِ فإنَّه لا حاجَة للمشاوَرَةِ فيه؛ يعني لو تَبَيَّنَ للأميرِ

<<  <   >  >>