للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونحن نقولُ: أسماءُ اللهِ تعالى تدلُّ على الذاتِ الْعَلِيَّةِ على ذاتِ اللهِ، وعلى الوصفِ الذي تَضَمَّنَهُ هذا الإسْمُ، فـ (العليُّ) يدلُّ على الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ وعلى صفةِ العُلُوِّ، و (العظيمُ) كذلك يَدُلُّ على الرَّبِّ وعلى صفةِ العظمةِ.

والإسمُ وصفٌ - هذا لا بُدَّ في كلِّ اسمٍ -، والأثرُ. يعني: الذي يترتبُ على هذا، لا نقولُ: مقتضى الإسمِ. وليس كلُّ اسمٍ، عندنا (الحي) لا أَثَرَ فيه، فـ (الحيُّ) وصفٌ لازمٌ لذاتِهِ لا يتعدى، لكنْ إذا قلتَ: البصيرُ السميعُ هذا يتعدى إلى المسموعِ في السميعِ، وإلى المُبْصَرِ في البصيرِ.

فالضابطُ: أن الذي لا بُدَّ فيه من الإيمانِ بالأثرِ هو الإسمُ المتعدِّي.

فائدة: إذا قُلْنَا: عُلُوُّ الصفةِ شَمِلَ عُلُوَّ القَدْرِ وعلوَّ القَهْرِ، وجميعَ أنواعِ العُلُوِّ. يعني: أن هذا أَعَمُّ، وبعضُ العلماءِ يقولُ: ثلاثةُ أقسامٍ: علوُّ الذاتِ، وعلوُّ القَدْرِ، وعلوُّ القهرِ. لكن إذا قلنا: علوُّ الذاتِ وعلوُّ الصفةِ صار أشملَ وأعمَّ.

فإن قال قائلٌ: إذا كان الرجلُ مبتدعًا وأتى بكلامٍ يَحْتَمِلُ أنه على مذهبِ السلفِ أو على مذهبِ الخَلَفِ، فهل نَحْمِلُهُ على أنه على مذهبِ السَّلَفِ؟

فالجوابُ: ذَكَرْنا قبْل قليلٍ أنه يُحْمَلُ على المعنى الصحيحِ ما لم يُوجدْ قرينةٌ، فإن وُجِدَ قرينةٌ لا نَحْمِلُهُ على المعنى الصحيحِ، بل نَحْمِلُهُ على ما نَعْلَمُ من حالِ الرجلِ؛ ولهذا يقولُ البلقينيُّ: استخرجتُ اعتزالياتِ (الكشافِ) بالمناقيشِ (١).

و(الكشافُ) تفسيرٌ للزمخشريِّ، تفسيرٌ جيدٌ في الواقعِ من حيث اللغةُ ومن حيث المعنى جيِّدٌ، ويتكلمُ أحيانًا عن الأمورِ الفقهيَّاتِ، وكلُّ مَن بَعْدَهُ رأيناه يستقي


(١) انظر: الإتقان في علوم القرآن للسيوطي (٤/ ٢٤٣).

<<  <   >  >>