للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنا الآن معي هذا القلمَ دلالتُهُ على غِطائِه وعلى أصلِهِ مُطَابَقَةٌ، ودلالتُهُ على واحدٍ منها تَضَمُّنٌ، ودلالتُهُ على أن هناك مَنْ صَنَعَه دلالةُ التزامٍ.

ونأتي على أسماءِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ نقولُ: من أسماءِ اللهِ تعالى الخالقُ البارئُ المُصَوِّرُ.

فالخالقُ دلالتُهُ على الذاتِ الإلهيَّةِ وعلى الصفةِ التي هي الخَلْقُ جميعًا دلالةُ مُطَابَقَةٍ، ودلالتُهُ على الذاتِ وَحْدَهَا أو على الخَلْقِ وَحْدَه دلالةُ تَضَمُّنٍ، ودلالتُهُ على العِلْمِ والقُدْرَةِ أنه ما من خالقٍ إلا وهو عَالِمٌ، وما من خالقٍ إلا وهو قادرٌ، هذه دلالةُ التزامٍ.

أما النوعان الأولان: دلالةُ المُطَابَقَةِ والتضمُّنِ، فهذا لا يُشْكِلُ على أَحَدٍ، كُلُّ طالبِ عِلْمٍ يُمْكِنُ أن يَعْرِفَ.

وأمَّا دلالةُ التزامٍ فهي التي تخفى على كثيرٍ من الناسِ؛ ولذلك يختلفُ فيها العلماءُ اختلافًا كثيرًا، وهنا نسألُ هل دلالةُ الإلتزامِ لازمةٌ في كلِّ قولٍ أو فيما قال اللهُ ورسولُهُ؟

الجوابُ: الثاني؛ لأنَّ دلالةَ الإلتزامِ قد يُنْكِرُهَا من تَكَلَّمَ بالكلامِ، فمثلًا نقولُ: الجهميَّةُ يقولون: إنَّ اللهَ في كلِّ مكانٍ. من لازِمِ قوْلهِم أن يكونَ في الحشوشِ والأماكِنِ القذرةِ، هم لا يلتزمون بهذا، ولو التزموا بهذا لكفروا، ولا أَحَدَ يَشُكُّ في كُفْرِهِم، لكن لا يلتزمون بهذا؛ ولذلك عَبَّرَ العلماءُ عن هذه المسألةِ: هل لازمُ القولِ قولٌ أو لا؟

نقول: أمَّا قولُ اللهِ ورسولِهِ فلازِمُهُما حقٌّ ومن قَوْلِ اللهِ ورسولِهِ، وأمَّا غيرُهُما فلا؛ لأنَّه يحتملُ إذا ألزمناه به ألا يلتزمَ، ويحتملُ إذا ألزمناه به أن يَدَعَ قَوْلَهُ؛ لئلا يلزمَ منه هذا اللازمُ الباطلُ ويحتملُ أنه حين تَكَلَّمَ لم يطرأْ على بالِهِ هذا اللازمُ.

<<  <   >  >>