للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولْنَضْرِبْ لهذا مثلًا: رَجُلٌ قام يُصَلِّي ويَقْرَأُ القرآنَ لمدَّةِ ساعةٍ وآخَرُ يَلْعَبُ هذه المُدَّةَ، مَن الرابحُ؟ الأوَّلُ هو الرَّابحُ؛ لأنَّه ملأ هذا الفراغَ عبادةً، والثَّاني خاسرٌ ضائعٌ حتَّى إنَّ بعضَ أهلِ العِلْمِ قال: إنَّه يَحْرُمُ عليه ألَّا يشغلَ الزَّمنَ بالطَّاعةِ؛ لأنَّه كالَّذي عنده مالٌ فلم يُنْفِقْه في سبيلِ اللهِ، لكنَّ الصَّحيحَ أنَّه إذا لم يُعَمِّرْه بالمعصيةِ فلا له ولا عليه، إلَّا أَنَّه يُعْتَبَرُ خاسرًا بالنِّسبةِ لمن شغله بطاعةِ اللهِ، وأنت فَكِّرْ في هذا: عندما تقومُ تصلِّي قلْ لنَفْسِك: إنَّ عُمُرَكَ هو هذا الزَّمنُ الَّذي أَمْضَيْتَهُ في طاعةِ اللهِ، عَوِّدْ نَفْسَك على هذا؛ من أَجْلِ أن تَحْرِصَ على أن تُعَمِّرَ زَمَنَكَ بِطَاعَةِ اللهِ.

مسألةٌ: قِراءة القرآن حَسَبِ نشاطِ الشَّخص، لكن قال العُلَمَاءُ: ينبغي أن يَجْعَلَ حزبًا معينًا يتلوه كلَّ يومٍ تنظيمًا لقراءتِه؛ لأنَّ الإنسانَ إذا جَعَلَها مفتوحةً هكذا مرَّت به الأَيَّامُ وهو لم يُحَصِّلْ شيئًا، وهذا وإن كان يعني: ليس معهودًا فيمن سَلَف، إلَّا إن كان دلَّ عليه حديثٌ أظنُّهُ عبدَ اللهِ بْنَ عَمْرو قال: "أستطيعُ أن أقرأَه في شَهْرٍ في أسبوعٍ في ثلاثة أيامٍ" فقال - صلى الله عليه وسلم -: "لا تَقْرَأْه في أقلَّ من ثلاثةِ أيامٍ" (١).

الْفَائِدَةُ الْعَاشِرَةُ: أنَّ عذابَ الكافرين دائمٌ؛ لقولِهِ: {أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ}.

الْفَائِدَةُ الحَادِيَةَ عَشْرَةَ: تأكيدُ هذه العقوبةِ؛ لئلَّا يقولَ قائلٌ: إنَّ العذابَ قد يَنْقَطِعُ.

* * *


(١) أخرجه الإمام أحمد (٢/ ١٦٥)، وأبو داود: كتاب الصلاة، باب في كم يقرأ القرآن، رقم (١٣٩٠)، والترمذي: كتاب القراءات، رقم (٢٩٤٩)، وابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة، باب في كم يستحب يختم القرآن، رقم (١٣٤٧)، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما -.

<<  <   >  >>