للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال المُفسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{تَكَادُ السَّمَاوَاتُ} يعني: السبعَ (يَنْفَطِرْنَ) بالنونِ، وفي قراءةٍ بالتاءِ والتشديدِ] وهي قراءةٌ سَبْعِيَّةٌ؛ لأنَّ قاعدةَ المفسِّرِ رَحِمَهُ اللَّهُ أنه إذا قال: في قراءةٍ، أو قال: بالتاءِ والياءِ، أو قال: بالمدِّ والقَصْر. أن القراءةَ سَبْعِيَّةٌ، إذن لك أن تقرأ (يَنْفَطِرْنَ) و {يَتَفَطَّرْنَ}.

وَالإنْفِطَارُ بمعنى الإنشقاقِ، قال اللهُ تعالى: {إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ} [الإنفطار: ١].

وقولُهُ: {مِنْ فَوْقِهِنَّ} لم يقلْ: من أسفلَ؛ لأنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فوقَ والسَّمواتُ تكاد يَتَفَطَّرْنَ من فوقِهِن من عَظَمَتِهِ.

قال المفسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [أيْ: تنشقُّ كلُّ واحدةٍ فوق التي تليها من عظمةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ] ولولا أن اللهَ أَمْسَكَهَا لَتَفَطَّرَتْ، كما أنه جَلَّ وَعَلَا لمَّا تجلَّى للجبلِ جعله دكًّا، فالسَّمواتُ على عِظَمِها وقُوَّتِهَا وشِدَّتِها تكادُ تَنْفَطِرْنَ من عظمةِ اللهِ جلَّ وعلا سبحانَه وبحمْدِهِ.

وقوله تعالى: {وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ} انظرِ العظمةَ، عظمةٌ تكادُ السَّمواتُ تتفطرُ منها، عظمةٌ أخرى بجنودِهِ جَلَّ وَعَلَا، الملائكةُ يُسَبِّحُون بحمْدِ ربِّهم.

والملائكةُ عالمٌ غيبيٌّ لا يُشاهَدُون، خَلَقَهُم اللهُ تعالى من نورٍ، وسَخَّرَهم لعبادتِهِ؛ يُسَبِّحُون الليلَ والنهارَ لا يَفْتُرُونَ، قال النبيُّ - صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وسلَّمَ -: "أَطَّتِ السماءُ وحُقَّ لَهَا أن تَئِطَّ، ما من موضعِ أربعِ أصابعَ منها إلا وفيه مَلَكٌ قَائِمٌ للهِ، أو راكعٌ، أو ساجدٌ" (١).


(١) أخرجه الإمام أحمد (٥/ ١٧٣)، والترمذي: كتاب الزهد، باب في قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا"، رقم (٢٣١٢)، من حديث أبي ذر الغفاري - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>