للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القرآنُ {وَلَا الْإِيمَانُ}؛ أيْ: شرائِعُه ومَعالِمُه].

أوحى اللهُ إلى نَبِيِّه نوحًا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ والسَّلَامُ مِن أمْرِه - سواءٌ قلنا: واحدُ الأمورِ أو واحدُ الأوامِرِ -، وأخبر أنَّ للهِ المِنَّةَ الكبرى عليه في ذلك؛ لأنَّه كان قبل هذا ما يدري؛ أي: ما يَعْلَمُ أو ما يَعْرِفُ {مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ} كَلِمَةُ {مَا الْكِتَابُ} يحتملُ أنَّ المرادَ بها ما الكتابةُ، ويحتملُ أن يُرادَ بذلك ما ذكره المفَسِّرُ وهو القرآنُ، أمَّا الأوَّلُ فلأنَّ اللهَ تعالى قال في نَبِيِّه صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وسلَّمَ: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ} [العنكبوت: ٤٨]، وأمَّا كونُ المرادِ به القرآنَ فهذا أمثلتُه كثيرةٌ.

المهمُّ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وسلَّمَ لم يكن يَعْرِفُ حتَّى الكتابةَ، لا يَكْتُبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، ولم يَكُنْ يَعْرِفُ أيضًا الوحْيَ قبل أن يُوحَى إليه.

قولُهُ تعالى: {وَلَا الْإِيمَانُ} قال المفسِّرُ رَحِمَهُ اللهُ: [أي: شرائعُهُ ومَعالِمُه] يعني: وما كُنْتَ تدري عن شرائِعِ الإيمانِ، فلم يَكُنِ الرَّسولُ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وسلَّمَ يدري عما شَرَعَه اللهُ له في هذه الشَّريعةِ كاملةً قَبْلَ ذلك.

ثم قال المفسِّرُ رَحِمَهُ اللهُ: [والنَّفيُ مُعَلِّقٌ للفِعْلِ عن العملِ وما بعده سَدَّ مَسَدَّ المفعوليْن] الجملةُ هذه للإعرابِ، كلمةُ {تَدْرِي} تَنْصِبُ مفعوليْن، فهل بَعْدَها شيءٌ منصوبٌ؟ لا، بَعْدَها (ما) استفهاميَّةٌ مبتدأٌ و {الْكِتَابُ} خَبَرُه، ليس فيها شيءٌ منصوبٌ، إذا جاءتِ الجملةُ الإستفهاميَّةُ في محلِّ المفعوليْن، فإنَّها تُعَلِّقُ الفِعْلَ عن العملِ ظاهرًا، ولكنَّ الجُمْلَةَ تَكُونُ في محلِّ نَصْبٍ، إذن الإستفهامُ هنا عَلَّقَ الفِعْلَ عن العملِ وما بَعْدَه سدَّ مَسَدَّ المفعوليْن.

<<  <   >  >>