للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإن قال قائلٌ: ما تقولون في قولِ اللهِ تعالى: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا} [المائدة: ٣٢]؟

فالجوابُ: لا مخالَفةَ؛ فقوله: {فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا} أحياهم بإبقاءِ حياتِهِم يعني: من رَفَعَ القتلَ عن الإنسانِ ودافعَ عن شخصٍ يُقْتَلُ فهو كأنما أحيا الناسَ جميعًا، ومن المعلومِ أنه لا أحدَ يستطيعُ أن يَنْفُخَ الروحَ في ميتٍ.

الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: عمومُ قدرةِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالى؛ لقولِهِ: {وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.

الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: حثَّ الإنسانِ على أن يَدْعُوَ اللهَ بكلِّ ما أراد، ما لم يَعْتَدِ في الدعاءِ.

وهذه فائدةٌ تربويَّةٌ: أن تَدْعُوَ اللهَ بكلِّ شيءٍ إلا ما حَرَّمَ اللهُ عليك الدُّعاءَ به؛ لقولِهِ: {وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}، فإنك إذا دَعَوْتَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ بأيِّ شيءٍ لا تَيْأَسْ لا تَقُلْ: هذا لا يُمْكِنُ، إلا ما كان عدوانًا واعتداءً، فلا يَجُوزُ، وهذا يَفْتَحُ للإنسانِ بابَ الرجاءِ، وبابَ دعاءِ اللهِ واللجوءِ إليه، لو كان عندك مريضٌ مزمنٌ أَيِسْتَ منه، فقلتَ: واللهِ لا أستطيعُ، لا أَقْدِرُ أَنْ أدعوَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ؛ لأنَّ الرجلَ وصلَ إلى حال خطيرةٍ، فهذا لا شكَّ غلطٌ؛ لأنَّ اللهَ على كلِّ شيءٍ قديرٌ، فادعُ اللهَ.

فإنسانٌ تَقَطَّعَتْ به الأسبابُ، طَلَبَ الرزقَ في البيعِ والشراءِ فخَسِرَ، طلبَ الرزقَ في التقديمِ للوظيفةِ فلم يَنْجَحْ وهكذا، قال: إذن لا حاجةَ إِلَى أَنْ أَدْعُوَ. نقولُ له: هذا خطأٌ وغلطٌ ادعُ اللهَ، فاللهُ عَزَّ وَجَلَّ على كلِّ شيءٍ قديرٌ، كمْ من إنسانٍ دعوْا له الغاسلَ، واشتروْا له الكفنَ، وقرَّبُوا له النعشَ، وتهيَّأَ أصحابُهُ لتشييعِهِ ثم

<<  <   >  >>