للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفَهِمْنَا أن المُفسِّر رَحِمَهُ اللهُ قصَّرَ في تفسيرِ الآيةِ في قولِهِ: {فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ} حيث خَصَّهَا بالمؤمنين بالوَلايةِ الخاصَّةِ، وقَصَّرَ أيضًا في قولِهِ: [{فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} يومَ القيامةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ] هذا أيضًا قُصُورٌ، والصوابُ: أن حُكْمَه إلى اللهِ في الدنيا والآخرةِ.

{ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ} {ذَلِكُمُ} ويمرُّ بنا كثيرًا (ذلك) فلماذا تختلفُ الكافُ من موضعٍ إلى موضعٍ؟

فالجوابُ: أن الكافَ بحسبِ المخاطَبِ، واسمُ الإشارةِ بحَسَبِ المشارِ إليه، فإذا أَشرْتَ إلى مفردٍ مذكَّرٍ مخاطبًا مفردًا مذكرًا تقولُ: ذلك.

وإذا أشرْتَ إلى اثنين مخاطبًا اثنين تقولُ: ذانكما.

وإذا أشرْتَ إلى أُنْثَى مخاطِبًا ذَكَرًا تقولُ: تلك؛ لأنَّ الإشارةَ إلى الأنثى بالتاءِ.

وإذا أشرتَ إلى أنثى مخاطبًا أُنْثَيَيْنِ تقولُ: تلكما.

إذن اسمُ الإشارةِ بحسَبِ المشارِ إليه، والكافُ بحسَبِ المخاطَبِ.

هنا قوله: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي} اسمُ الإشارةِ بحسَب المشارِ إليه؛ لأنَّه يُشيرُ إلى لفظِ الجلالةِ {ذَلِكُمُ اللَّهُ} واحدٌ ويخاطبُ جماعةً {ذَلِكُمُ}، {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي}، {ذَلِكُمُ} مبتدأٌ، و {اللَّهُ} عطفُ بيانٍ {رَبِّي} خبرُ المبتدأِ.

يعني: أن الرسولَ - صلى الله عليه وسلم - يجبُ أن يُعْلِنَ لهؤلاء أن اللهَ تعالى رَبُّهُ، وأنه لا رَبَّ له سواه، وإنما قلنا: إنه لا ربَّ له سواه؛ لأنَّ كلًّا من طرفَي الجملةِ مَعْرِفةٌ، وإذا كانت الجملةُ قد عُرِّف طرفاها دَلَّت على الحَصْرِ، لو سأَلَنَا سائلٌ: بِمَ تَعَلَّقَتِ الكلمةُ {عَلَيْهِ}؟ قلنا: تَعَلَّقَتْ بـ {تَوَكَّلْتُ}، وبم تَعَلَّقَتْ (إليه)؟ قُلْنا: بـ {أُنِيبُ}؛

<<  <   >  >>