للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَالَ الْحَاكِم: ((هَذَا حَدِيْث صَحِيْح عَلَى شرط مُسْلِم)) (١).

وتعقبه الذهبي في السير بقوله: ((خطأ: فإن الشيخين ما احتجا براشد، ولا ثور (٢) من شرط مُسْلِم)) (٣).

إلا أن الذهبي أورد الْحَدِيْث من طريق أبي داود وَقَالَ: ((إسناده قويٌّ)) (٤).

لَكِنْ أعلَّ بعض أهل العلم هَذَا الْحَدِيْث بالانقطاع فَقَدْ قَالَ ابن أبي حاتم: ((أنبأنا عَبْد الله بن أحمد بن حَنْبَل (٥) فِيْمَا كتب إليَّ قَالَ: قَالَ أحمد - يعني ابن حَنْبَل -: راشد ابن سعد لَمْ يَسْمَع من ثوبان)) (٦).

وَقَالَ الحافظ ابن حجر: ((قَالَ أبو حاتم: والحربي لَمْ يَسْمَع من ثوبان وَقَالَ


(١) المستدرك ١/ ١٦٩.
(٢) ثور بن يزيد بن زياد الكلاعي الحمصي الشامي، أبو خالد، ويكنى أَيْضاً: أبا يزيد: ثقة ثبت، إلا أنَّهُ يرى القدر، توفي سنة (١٥٣ هـ‍).
طبقات خليفة: ٣١٧، وتهذيب الكمال ١/ ٤١٩ (٨٤٦)، والتقريب (٨٦١).
(٣) سير أعلام النبلاء ٤/ ٤٩١.
فائدة: هنا مسألة ينبغي التنبيه عَلَيْهَا، وَهِيَ: ما شاع وانتشر بَيْنَ الباحثين عِنْدَ نقلهم عن الْحَاكِم تصحيحه لحديث من كتاب المستدرك: ((صححه الحاكم ووافقه الذهبي)) وهذه مسألة لَمْ تكن معروفة عِنْدَ المتقدمين بَلْ شهرها ونشرها علاّمة مصر ومحدّثها الشيخ أحمد شاكر - يرحمه الله -، ثُمَّ طفحت بِهَا كتب الشيخ مُحَمَّد ناصر الدين الألباني، والشيخ شعيب الأرناؤوط، حَتَّى عمّت عِنْدَ أغلب الباحثين.
وهذا خطأ ينبغي التنبيه عَلَيْهِ والتحذير مِنْهُ؛ لأن الإمام الذهبي لَمْ يحقق "المستدرك"، بَل اختصره كَمَا اختصر عدداً من الكتب، وَكَانَ من صنيع هَذَا الإمام العظيم أن يعلق أحياناً عَلَى بعض الأحاديث لا أنّه يريد تحقيقها والحكم عَلَيْهَا وتتبعها جميعها وذلك لأن الذهبي ضعّف كثيراً من الأحاديث الَّتِيْ في "المستدرك" في كتبه الأخرى ك‍" الميزان " وغيره. ثُمَّ إنه نص عَلَى أن الكتاب يعوزه تحرير وعمل.
(السير ١٧/ ١٧٦) فلو أنه وافق الْحَاكِم عَلَى جميع ما سكت عَلَيْهِ لما قَالَ ذَلِكَ. وهذا دليل من مئات بَلْ ألوف من الأدلة عَلَى أن أحكام " التلخيص " بشأن تصحيح الأحاديث ليس كلام الذهبي بَلْ هُوَ كلام الْحَاكِم اختصره الذهبي فإن هَذَا الْحَدِيْث في " التلخيص " ١/ ١٦٩: ((عَلَى شرط م)) وفي السير ما يخالف هَذَا الحكم. ومن خطأ الشيخ أحمد شاكر في هَذَا الْحَدِيْث أنه قَالَ: ((صححه عَلَى شرط مُسْلِم، ووافقه الذهبي)) المسح عَلَى الجوربين: ٥.
(٤) سير أعلام النبلاء ٤/ ٤٩١.
(٥) وَهُوَ في العلل ١/ ١٣٣ للإمام أحمد رِوَايَة عَبْد الله.
(٦) المراسيل: ٥٩ (٢٠٧).

<<  <   >  >>