للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذهب بَعْض الفُقَهَاء إِلَى: أن السجود إذا كَانَ عن نقص في الصَّلاَة فمحله قَبْلَ السلام، وإذا كَانَ زيادة فمحله بَعْدَ السلام، وَهُوَ مَذْهَب مَالِك (١) وأحد قَوْلي الشَّافِعيّ (٢)، وإحدى الرِّوَايَتَيْنِ عن الإمام أحمد (٣).

والحجة لَهُمْ: حَدِيث عَبْد الله بن بحينة السابق؛ فإنّ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - سجد لتركه التشهد الأول سجدتين قَبْلَ السلام؛ وهذا من نقصٍ في الصَّلاَة؛ فحملوا عَلَيْهِ كُلّ نقص، وجعلوا السجود لأجله قَبْلَ السلام.

واستدلوا بحديث ذي اليدين؛ فإن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - سجد بَعْدَ السلام، لما حصل في الصَّلاَة من زيادة الكلام والمشي؛ فحملوا عَلَيْهِ كُلّ زيادة وجعلوا السجود لأجلها بَعْدَ السلام (٤).

وذهب بعضهم إِلَى: أن السجود كله قَبْلَ السلام إلا في موضعين، فيكون بَعْدَ السلام، وهما: إذا سلم من نقص في صلاته، أو تحرى الإمام فبنى عَلَى غالب ظنه.

وبذلك قَالَ أبو خيثمة، وسليمان بن دَاوُد، وَهُوَ رِوَايَة عن الإمام أحمد (٥)، واختاره بَعْض الشافعية (٦)، وَهُوَ مَذْهَب الظاهرية (٧). والحجة لَهُمْ: أن السجود إنما شرع لجبر خلل وقع في الصَّلاَة؛ فالمعقول أن يَكُون محله قَبْلَ السلام، ويستثنى من ذَلِكَ مَا ورد النص بأنه يَكُون بَعْدَ السلام، وَقَدْ ورد ذَلِكَ في النقص، وَهُوَ حَدِيث عبدالله بن بحينة. وفيما إذا تحرى الشاك فبنى عَلَى غالب ظنه؛ وَذَلِكَ لما صَحَّ عن ابن مَسْعُود - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصَّوَاب، وليتم عليه ثُمَّ ليسلم ثُمَّ يسجد سجدتين)) (٨).


(١) المدونة الكبرى ١/ ١٣٤، والمنتقى ١/ ١٨٣.
(٢) المجموع ٤/ ١٥٥.
(٣) المغني ١/ ٦٧٤، وشرح الزَّرْكَشِيّ ١/ ٣٦١ - ٣٦٢. وانظر: حلية العُلَمَاء ٢/ ١٧٨ - ١٧٩، وبداية المجتهد ١/ ١٣٩.
(٤) فقه الإمام سعيد ١/ ٢٦٢.
(٥) المغني ١/ ٦٧٤.
(٦) المهذب ١/ ٩٩، وحاشية الجمل عَلَى شرح المنهج ١/ ٤٦٥.
(٧) المحلى ٤/ ١٧١.
(٨) أخرجه الطَيَالِسِيّ (٢٧١)، وأحمد ١/ ٣٧٦ و ٣٧٩ و ٤١٩ و ٤٢٤ و ٤٣٨ و ٤٤٣ و ٤٥٥ و ٤٦٥، والدارمي (١٥٠٦)، والبُخَارِيّ ١/ ١١٠ (٤٠١) و ١/ ١١١ (٤٠٤) و ٨/ ١٧٠ (٦٦٧١) و ٩/ ١٠٨ (٧٢٤٩)، ومسلم ٢/ ٨٤ (٥٧٢) (٨٩) و (٩٠) و٢/ ٨٥ (٥٧٢) (٩٠) و (٩١) و (٩٤) و٢/ ٨٦ (٥٧٢) (٩٥)، وأبو دَاوُد (١٠١٩) و (١٠٢٠) و (١٠٢١) و (١٠٢٢)، وابن ماجه (١٢٠٣) و (١٢٠٥) و (١٢١١) و (١٢١٢) و (١٢١٨)، والتِّرْمِذِي (٣٩٢)،والنَّسَائِيّ ٣/ ٢٨و٢٩و٣١و٣٢ وفي الكبرى
=

<<  <   >  >>