للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد أُوبِيَتْ كلَّ ماءٍ فهي طاوِيةٌ ... مَهْمَا تُصِب أفُقا من بارِقٍ تَشِمِ

قد. أُوبِيتْ كلَّ ماء، أي مُنِعتْ كلَّ ماء. وقوله: طاوية، أي ضامرة. وقوله: تَشِم، أي تُقَدِّر أين مَوْقِعُه ثم تَمْضى إليه. يقول: أفُقا من البوارق الّتي تَبرُق. وأُوبِيَتْه: مُنِعَتْهَ مِن الرُّماة. تُصِب أُفقُا، أي تَجِد ناحية.

حتّى شَآها كَلِيلٌ مَوْهِنًا عَمِلٌ ... باتت طِرابًا وباتَ اللَّيلَ لمَ يَنِم

شآها: شاقَها فاشتاقت. كَلِيلٌ: برقٌ ضعيف. مَوْهنا، أي بعد وَهْن من اللّيل. قال يقال: جاءنا مَوْهِنا من اللّيل، ووَهْنًا، وبعدَ وَهْن. قال: وقوله: باتت طِرابا، يعنِي البقرَ. وباتَ الليلَ لَم يَنمَ، أي بات البرقُ يَبرُق لَيْلَتَه.

كأنّ (١) ما يَتَجلَّى عن غَوار به ... بَعْدَ الهُدُوء تَمَشِّيَ النار في الضَّرَم

قوله: عن غواِربه، أي عن أَعالِيِه. وغارِبُ كلِّ شيء: أعلاه، وهو مَوْضِعُ المَنْسِج من الدّابة. والضَّرَم: ما دَّق وخَفَّ من الحَطَب ليس بالجَزْل ولا بالغليظ. وقوله: يتجلَّى, إذا يتجلىّ من السحاب. بعد الهدُوء والسكون، بعد أن يَسكُنَ الناسُ.

حَيْرانُ يَرْكَبُ أَعلاهُ أسافِلَه ... يُخْفِي جَديَد تُراب الأرض مُنْهزِمُ (٢)

ويروَى "يَحْفِي" أي يُظْهِر. قال يقول: هذا السحابُ حَيْرانُ لا يأخذ جهةً واحدة، إنّما يأخذ يمينا وشِمالا. وقوله: يَخْفِي [أي] يَنْثرُه ويَستَخْرجُه


(١) "ما" هنا مصدرية، أي كأن التجلّي.
(٢) في هذا البيت إقواء كما ترى.

<<  <  ج: ص:  >  >>