للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خرج حتّى قدِم مَكّة، فاستَلمَ الرُّكن وقد شُقَّ عن اْستِه، فطافَ فعرَف الناسُ أنّه يريد شرّا؛ فقال أبو جُندَب (١):

إني امرؤٌ أَبكِى على جَاريَّهْ ... أَبْكى على الكَعْبِىِّ والكَعْبِيّهْ

ولو هلكتُ بَكيَا عليَّهْ ... كانا مكانَ الثّوب من حِقْوَيَّهْ

يعني الرَّجُلَ وامرأتَه.

وقال أبو جنْدَب أيضاً (٢)

مَن مْبلغٌ مَلائكِي حُبْشِيّا ... أخَابنِي زُلَيفةَ الصُّبْحِيّا

قوله: مَلائكي رَسائلى، من الأَلوكة. وزُليْفة: من هُذَيل، وبنو صُبْح أيضاً.


(١) قدّم السكري لهذين البيتين بما نصه (هذا يوم العرج)، حدّثنا الحلواني قال: حدّثنا السكرى قال: قال الجمحيّ عبد الله بن إبراهيم: كان أبو جندب اشتكى شكوى شديدة، وكان يقال له "المشئوم" وكان له جار من خزاعة يقال له حاطم بن هاجر بن عبد مناف بن ضاطر، فوقعت به بنو لحيان فقتلوه قبل أن يستبلّ من وجعه، واستاقوا ماله وقتلوا امرأته. قال الأصمعيّ: قتله زهير بن الأغر، وكان أبو جندب يومئذ وجعا مدنفا. قال الجمحى: وقد كان أبو جندب كلم قومه فجمعوا له غنما، فلما أفاق أبو جندب من مرضه خرج من أهله حتى قدم مكة، ثم جاء يمشي حتى استلم الركن وقد شق وكشف عن استه، ثم طاف بالكعبة فعرف من رآه من الناس أنه أتى بشر، ثم صاح وطفق يقول: "إني امرؤ" الخ. وقد شرحهما فقال: يقول: لو هلكت في جرارهما بكيا عليّ وطلبا بثأري لأنهما كريمان. ويقال: عذت بحقوك، يريد أنهما كانا في موضع المعاذ، أي كانا منى مكان من أجرت. ويقول الباهلي: هذا مثل يضرب في الرجل يعوذ بالرجل ويتحرّم به، يقال: أخذ بحقوه، كأنه يأخذ بحقويه، فيقول: هو بمنزلة من عاذ بحقويّ.
(٢) هذه القصيدة رواها الأصمعيّ، ولم يروها ابن الأعرابي ولا أبو عمرو ولا الجمحيّ، وقال السكرى في شرح هذا البيت: ملائكي: رسائلي. وحبشي: اسم رجل. وبنو زليفة: حيّ من هذيل. وصبح: من قوم يقال لهم بنو صبح. ويقول الباهلي: زليفة هو ابن صبح بن كاهل قال: أراد أن يقول "مآلكي" بدل "ملائكي". والألوكة: الرسالة.

<<  <  ج: ص:  >  >>