ففى هذا الجزء الثاني -بالذات، وعلي الأخص- قدرٌ ليس بالقليل لم يكن له مراجع قطّ (انظر الصفحات من ١٩٧ إلي ٢٢٢ من هذا الكتاب).
ولو أن الصعب في قِلّة المراجع فَحسْبُ لهان، وإنما البلاء المبين كان في أفاعيل النسّاخين، وما يجيئون به من التحريف الذي هو أشبه بالتخريف.
أترى هذا البيت؟ لقد أثبتوه هكذا في الأصل:
أضربه ضاخ قبيطا اساله ... فمر فأحلى جوزها فخصورها
في حين أن صوابه إنما هو هكذا:
أَضَرَّ به ضاجٍ فَنبْطَا أُسالَةٍ ... فَمَرٌّ فأعلى حوزِها فخُصورُها
انظر صحيفة ٢١٣ من هذا الجزء.
على أن هذا البيت ليس بالشاهد الوحيد، وإنما هناك من أمثاله شواهد {وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ}، {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ}.
وكلُّ ما نرجوه أن نكون قد وفِّقنا في هذا الجزء إلي ما نقصد إليه من إصلاح تحريفاته، وتكميل ما نقص من عباراته، وتفسير غريبه، وشرح ما أَشكَل في جُمَلِهِ وأبياته، وضبطِ ما التبس من ألفاظه، وتحقيق ما اشتمل عليه من أسماء الأماكن والبلاد والقبائل والشعراء، وإخراج ذلك كلِّه على الوجه الصحيح.