للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أدلة أصحاب القول الثالث: (القائلين بالتحريم).

استدلوا بما سبق من أدلة، غير أنهم حملوها على التحريم، واستدلوا أيضاً بحديث بهز بن حكيم (١) عن أبيه، عن جده قال: قلت: (يا رسول الله، عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: (احفظ عورتك إلا من زوجتك وما ملكت يمينك) قلت: فإذا كان القوم بعضهم في بعض قال: (إن استطعت أن لا يراها أحد فلا يرينها) قال: قلت: يا رسول الله إذا كان أحدنا خاليا؟ قال: (الله أحق أن يستحيا منه من الناس) (٢).

وجه الدلالة:

ظاهر الحديث أن التعري في الخلوة لغير حاجة غير جائز (٣).

ويناقش:

أن المنع من الكشف للنظر، وليس في الخلوة من ينظر، فلم يجب الستر، ثم إن إطالة اللبث تبع لأمر مباح، بخلاف من فعل ذلك ابتداءاً من غير حاجة.

الترجيح:

الراجح والله أعلم، أنه إذا ثبت أنه يورث بعض المرض فيحرم، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا ضرر ولا ضرار) (٤)، ومرجع ذلك إلى الطب، فإن ثبت في ذلك ضرر فإنه يحرم، أما إذا لم يثبت ذلك فالراجح هو القول الثاني القائل بالكرهة خاصة إذا لم تكن هناك حاجة للمكوث كالغسل والخلاء وغير ذلك، فإنه ينهى عن كشف السوءة لغير حاجة، فيقتصر على مقدار الحاجة ولهذا كره العلماء للمتخلي أن يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض (٥).


(١) بهز بن حكيم هو: أبو عبد الملك بهز بن حكيم بن معاوية بن حيدة القشيري البصري، روى عن أبيه وزارة بن أوفى وهشام ابن عروة وغيرهم، وعنه سليمان التيمي ويحيي القطان وغيرهم توفي سنة ٩١ هـ. وثقه ابن المديني ويحيى بن معين، والنسائي. قال أبو زرعه: صالح. وقال البخاري: يختلفون فيه، وقال ابن عدي: لم أرله حديثاً منكراً. انظر ترجمته: [تهذيب التهذيب ١/ ٤٩٨، ميزان الاعتدال ١/ ٣٥٣، وتهذيب الأسماء واللغات ١/ ١٣٧]
(٢) أخرجه أبو داود في كتاب الحمام، باب ما جاء في التعري ح/٤٠١٧ (٤/ ٤٠)، والترمذي وحسنه في كتاب الأدب، باب ما جاء في حفظ العورة ح/٢٧٩٤، (٥/ ٩٧) وابن ماجة في كتاب النكاح، باب التستر عند الجماع ح/١٩٢٠، (١/ ٦١٨)، وأخرجه البخاري في كتاب الغسل، باب من اغتسل عريانا وحده في الخلوة ومن تستر فالتستر أفضل معلقا بصيغة الجزم (١/ ٦٤)،وحسنه الألباني في آداب الزفاف صـ ٣٦.
(٣) انظر: عمدة القاري (٣/ ٢٢٨).
(٤) سبق تخريجه.
(٥) انظر: شرح عمدة الفقه لابن تيمية (١/ ٤٠٣)، مجموع الفتاوى (٢١/ ٣٣٨).

<<  <   >  >>