للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أدلة أصحاب القول الثاني:

الدليل الأول: عن عائشة - رضي الله عنها - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (إذا ذهب أحدكم إلى الغائط، فليذهب معه بثلاثة أحجار، يستطيب بهن، فإنها تجزي عنه) (١).

وجه الدلالة:

أن النص ورد بالأحجار فيراعى عين المنصوص عليه (٢).

ونوقش:

إنما نُص على الأحجار؛ لكونها غالب الموجود للمستنجي بالفضاء، مع أنه لا مشقة فيها، ولا كلفة في تحصيلها؛ وهذا نحو قول الله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ} (٣) وقوله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} (٤) ونظائر ذلك، فكل هذا مما ليس له مفهوم يُعمل به؛ لخروجه على الغالب (٥).

الدليل الثاني: أن الاستجمار بالأحجار موضع رخصة (٦)، ورد الشرع فيها بآلة مخصوصة، فوجب الاقتصار عليها، كالتراب في التيمم (٧).

نوقش:

بأن الأحجار لقب لم يقل بمفهومه الجمهور، وإنما خص الحجر - والله أعلم - بالذكر لأنه أعم الجامدات وجودا، وأسهلها تناولا، ولأنه متى ورد النص بشيء لمعنى معقول وجب تعديته إلى ما وجد فيه المعنى، والمعنى ههنا إزالة عين النجاسة وهذا يحصل بغير الأحجار كحصوله بها فأما التيمم فإنه غير معقول (٨).

الترجيح:

بعد ذكر الخلاف الوارد في هذه المسألة مع أدلته يظهر جلياً، رجحان القول القائل، بجواز الاستجمار بالأحجار وغيرها من الخرق والمناديل، لقوة أدلتهم وسلامتها من المناقشة ولمناقشة أدلة القول الثاني.


(١) أخرجه أبو داود، كتاب الطهارة، باب الاستنجاء بالحجارة ح/٤٠ (١/ ١٠) النسائي، كتاب الطهارة، الاجتزاء في الاستطابة بالحجارة دون غيرها، ح/٤٤، (١/ ٤١)، والحديث صححه الألباني في الإرواء (١/ ٨٤).
(٢) انظر: الشرح الكبير (١/ ٩٤)،بدائع الصنائع (١/ ١٨).
(٣) جزء من الآية (١٥١) من سورة الأنعام.
(٤) جزء من الآية (١٠١) من سورة النساء.
(٥) انظر: المجموع (٢/ ١١٤).
(٦) انظر: بدائع الصنائع (١/ ١٨).
(٧) انظر: الشرح الكبير (١/ ٩٥).
(٨) انظر: شرح الزرقاني (١/ ١٤٧)، الشرح الكبير (١/ ٩٥)، شرح الزركشي (١/ ٢٢٤).

<<  <   >  >>